أوّل سور المدينة: أهميتها وفوائد تحديد السُّوري المكيَّ والمدنِيّ

تعدُّ سورة "البَقَرة"، وفق اتفاق معظم العلماء، الأولى في نزولها بالمدينة المنورة، والتي تحمل مكانة مميزةً كالسورة الثانية في الترتيب داخل مصحفنا العزي

تعدُّ سورة "البَقَرة"، وفق اتفاق معظم العلماء، الأولى في نزولها بالمدينة المنورة، والتي تحمل مكانة مميزةً كالسورة الثانية في الترتيب داخل مصحفنا العزيز. لقد كانت هذه السورة بمثابة الخطاب الأول للذين صدّقوا بإعلان إيمانهم بعد هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة. وتشتمل أيضًا على بعض الأحاديث الشريفة حول فضلها وعظيم مكانتها بين المسلمين. الجدير بالذكر أنها تحتوي على أعظم حكم قرآنية وأطولها نسبيًا، إذ تضم حوالي عشرين بالمئة من مجمل الآيات القرانية. كما يروى لنا التاريخ الديني أنه قد ورد فيها أمر قتل وجلد أحد الأشخاص بناءً على حالة خاصة حدثت آنذاك، مما يُظهر مواقف متنوعة لدينا تجاه الحكم المقترن بكل حلقة تاريخية فريدة لها خصوصيتها الخاصة.

بالنظر إلى الفرق بين السور المكّية والمدنية، فإن هذا التمييز يحمل عددا غير محدود من الفوائد الهامة لكل الراغب بفهم ديننا بشكل أدق. فهذه الفوارق تساعد القارئ على فهم السبب وراء النسخ والإلغاء الجزئي لأحكام معينة عبر الزمن. بالإضافة لذلك، تعطينا نظرتنا للسياقات المختلفة لفترة الهجرة فرصة لرصد كيفية تطابق أحكام الدين الواحد حسب الظروف المتغيرة للأحداث والجهات ذات العلاقة بها. بالتالي يستطيع حملة المشعل الديني والاستشراقيون ومعلمو الأخلاق الإسلامية استخراج واستخلاص دروس مستمرة ومتجددة لتوجيه المساعي والحركات الحيوية المستقبلية المرتبطة بتطبيق تعاليم الإسلام عمليا. إنها نقطة انطلاق نحو المزيد من التجارب العملية والعقلانية لتحقيق غرض الإرشاد الروحي والفكري للعقول البشرية بغض النظر عن اختلاف مراحلهم العمرية والثقافية والدينية.


الفقيه أبو محمد

17997 Blog postovi

Komentari