- صاحب المنشور: الجبلي المدني
ملخص النقاش:
كان للحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا منذ عام 2011 تأثير عميق ومتعدد الجوانب على اقتصاد البلاد. أدت هذه الصراع الطويل إلى تدمير البنية التحتية الأساسية, هجرة السكان, وتعطيل التجارة المحلية والدولية مما أدى إلى انكماش كبير في النشاط الاقتصادي. قبل الحرب, كانت سوريا تعتبر أحد أهم البلدان العربية المنتجة للنفط والغاز الطبيعي ولها دور ريادي في تصدير الزراعة مثل القمح والشعير والتين بالإضافة لكونها مركزاً هاماً للسياحة الثقافية والتاريخية نظراً لموقعها الاستراتيجي بين الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.
مع بداية الاقتتال المسلح, انهارت معظم القطاعات الإنتاجية الرئيسية لأنها تعرضت للتضرر أو التدمير المباشر بسبب العمليات العسكرية. فقد فقدت العديد من المصانع والمزارع والإمدادات الغذائية والأراضي الزراعية إنتاجيتها نتيجة للقصف المستمر والنزاع المسلح الذي عانى منه المواطنون. وقد ترك هذا الوضع أكثر من نصف مليون شخص بلا عمل وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الخاص بسوريا سنة 2019 بينما فر ملايين آخرين خارج حدود الدولة طلبا للأمان والحياة الكريمة خارج وطنهم الأصلي.
أدت الظروف الأمنية المتردية أيضا لإضعاف الحكومة المركزية وبالتالي تقويض قدرتها على التأكد من استقرار سعر صرف العملة الوطنية "الليرة". فمع تزايد عدم اليقين السياسي والعسكري داخل البلاد وخارجها, شهدت الليرة خسائر كبيرة أمام الدولار الأمريكي وغيره من العملات العالمية الأخرى وصلت لحوالي 70% خلال الأعوام الأخيرة. كما زادت معدلات الفقر والجوع بشكل حاد حيث يعيش حوالي 83٪ من السوريين تحت خط الفقر حسب تقديرات برنامج الغذاء العالمي.
وفي الوقت نفسه، أثرت العقوبات الدولية المفروضة تأثيرا مباشرا على الاقتصاد السوري عبر منع الوصول إلى التمويل الخارجي وموارد الطاقة اللازمة بإعادة بناء واستعادة قطاعي الصحة والبنية التحتية المدمرة بالفعل جراء سنوات من القتال. وفي حين حاولت بعض البلدان تعزيز العلاقات التجارية مع النظام الحالي سعياً لاستغلال الفرصة لتحقيق مكاسب تجارية خاصة بها; فإن شروط التعامل تلك غالبًا ما تكون غير قابلة للتحقق بالنسبة للمواطنين الذين يجدون صعوبة متزايدة بالحصول حتى على الضروريات الأساسية كالغذاء والدواء والماء النقي.
بشكل عام, يعد تحليل آثار الحرب على الاقتصاد السوري مهمة ضرورية لفهم مدى الدمار الناجم عنها وكيف يمكن إعادة بنائه مستقبلا وذلك ليس فقط من منظور تاريخي ولكن أيضًا لأسباب عملية تتعلق بالسكان المعرضين للخطر والذي يتوق للحاق بركب المجتمع الدولي مرة اخرى وقدرتهم على مواجهة تحديات الحياة الحديثة بشجاعة وثبات رغم كل ذلك .