ترتيب الكتب السماوية هو موضوع يتصل مباشرة بتاريخ الوحي الإلهي الذي نزل على أنبياء الله ورسله. لم يرد ذكر كل الكتب السماوية النازلة على أنبياء الله -تعالى- ورسله، بل ذكر الله -تعالى- أسماء خمسة منها فقط، وهي أولها الصُحف التي أُنزلت على نبيّه إبراهيم-عليه السلام-، ثمّ أُنزل الزبور على النبي داود عليه السلام، ثمّ التوراة على النبي موسى عليه السلام، ثمّ الإنجيل على عيسى عليه السلام، وختاماً كان القرآن الكريم الذي أُنزل على النبي محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم.
الإيمان بالكتب السماوية هو جزء أساسي من العقيدة الإسلامية. المسلم مأمورٌ بالإيمان بكلّ الكتب السماوية، ويُقصد به الاعتقاد الجازم أنّ الله -تعالى- هو من أنزل تلك الكتب علىأنبيائه ورسله؛ غايةً في هداية العباد. تضمّنت الكتب كلام الله جلّ شأنه، وكلّ ما تضمّنته حقٌّ لا شكّ فيه، سواءً ما سمّاه الله -تعالى- أم لم يسمّه ولكنّه يعلمه وحده.
حقيقة الإيمان بالكتب السماوية تتجلى في عدة أمور، منها: الإيمان بما ذكر الله -سبحانه- من أسماء للكتب، والاعتقاد الجازم أنّها من كلام الله -تعالى-، وأنّها حقٌ وصدقٌ، وأنّها تشتمل الشرائع التي شرعها الله -تعالى- لعباده. كما يجب الاعتقاد أنّ كلّ الكتب السماوية يصدّق بعضها بعضاً، فلا يوجد بينها أيّ تناقضٍ أو تعارضٍ. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاعتقاد أنّ كلّ الكتب دعوةٌ إلى الله -سبحانه-، وبيانٌ لحقّه -جلّ وعلا- على عباده، وبيانٌ لحقوق العباد على بعضهم البعض، كما اشتملت على ما نهى الله -سبحانه- عنه من محرّماتٍ.
ومن الأمور المهمة أيضاً العلم أنّ الحُجّة تقوم على من وُجّه الخطاب له في الكتب السماوية، حيث زال العذر بالجهل في أوامر الله بوصولها إلى العباد. كما يجب العلم أنّ الكتب جاءت وفق أحكامٍ تُناسب الأقوام التي نزلت إليهم، وأنّ ما جاء متأخراً ينسخ ما سبق.
بهذا الترتيب والاعتقاد، نرى كيف أن أول الكتب السماوية هي الصحف التي أُنزلت على إبراهيم عليه السلام، وهي بداية رحلة الوحي التي استمرت عبر الزمن حتى وصلت إلى خاتمة مع القرآن الكريم الذي أُنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.