• صاحب المنشور: أمين الدين بن موسى
  
  ملخص النقاش:
  في عالم يواجه تحديات بيئية متزايدة بسرعة، أصبح موضوع توفير مستقبل مستدام حاسماً. تحولات الطاقة، باعتبارها واحدة من أهم المحاور التي تشكل استراتيجيتنا نحو الكوكب الأخضر، تأخذ العديد من الأشكال وتتضمن مجموعة معقدة ومتداخلة من العوامل التقنية والاجتماعية والاقتصادية. هذه التحولات تتجاوز مجرد اعتماد تقنيات جديدة؛ إنها عملية تغير جذرية شاملة تؤثر على كل جوانب حياتنا اليومية - من طرق إنتاج الكهرباء إلى وسائل النقل وكيفية استخدام موارد الأرض.

**التكنولوجيا كمحرك للتغيير:**

أصبحت تقنيات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه أكثر فعالية وأكثر توفرًا وبأسعار تنافسية مقارنة بالوقود الأحفوري التقليدي. فمثلاً، شهدنا نموًا هائلًا في قدرة طاقة الرياح العالمية والتي ارتفعت بنسبة 14% سنويًا خلال العقد الماضي وفقا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2019. هذا الانتشار الواسع للطاقة المتجددة ليس فقط يرجع إلى تطوير الأدوات التكنولوجية الأكثر كفاءة وإنما أيضا بسبب الدعم الحكومي والمبادرات الخاصة التي تسعى لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

**دور المجتمع والثقافة:* *

رغم وجود تقدم كبير في الجانب التكنولوجي، فإن نجاح انتقال الطاقة المستدام يتطلب تغييرًا عميقًا في ثقافتنا واستخدامنا للموارد. ينعكس ذلك في زيادة الوعي العام بأهمية الحفاظ على البيئة والحاجة لاتخاذ إجراءات فردية وجماعية لخفض بصمتنا البيئية. مثلا، ازداد الطلب على السيارات الكهربائية نتيجة توصيل رسالة واضحة حول ضرورة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن نقل البضائع والأشخاص. بالإضافة لذلك، أدى التركيز الإعلامي الكبير على القضايا المناخية إلى دفع السياسيين اتجاه تبني سياسات داعمة لاستدامة الطاقة.

**العوائق والتحديات:**

على الرغم من المشهد الإيجابي الذي ترسمه بعض المؤشرات، إلا أنه لا تزال هناك عوائق كبيرة تعترض طريق تحقيق نظام طاقة مستدام حقا. أحد أكبر العقبات يكمن في تكلفة بناء البنية التحتية اللازمة لهذه التحولات. كما أن عدم القدرة على تخزين كميات كبيرة من الطاقة النظيفة بشكل فعال يعد عقبة أخرى تحتاج لحلول مبتكرة ومحفزة ماليا . علاوة على ذلك، قد تواجه عمليات الانتقال الاجتماعي والصناعي مقاومة شديدة حيث ينظر إليها البعض بأنها تهدد مصالح معينة أو تعتبر غير اقتصادية حالياً بالمقارنة مع الوقود الاحفوري.

**الطريق نحو الامتياز**:

لتحقيق هدف دولة مستقرة بيئيًا، سيكون مطلوباً نهجاً متعدد الجوانب يشمل دعم البحث العلمي والإبداع الهندسي، وتعزيز التعليم بشأن قيمة الاستدامة، وتطبيق قوانين صادقة تدفع باتجاه الاقتصاد الخالي من الكربون. إن دمج هذه العناصر سيؤدي إلى مجتمع يستثمر فيه الجميع بقناعة راسخة بمستقبلهم الصحي والآمن. ومن هنا تبرز حاجتنا الملحة لإعادة النظر في كيفية توليد ونقل واستهلاك الطاقة لدينا – وهي رحلة تبدو مليئة بالتحديات ولكنها تستحق المخاطرة نظراً لعواقب الفشل المحتملة.

وفي النهاية يجب التأكيد بأنه بفضل الروح الإنسانية والعلمانية يمكننا التنقل بسلاسة عبر هذا المنعرج التاريخي وتحويل العالم الذي نعيش فيه إلى مكان أفضل لأجيال قادمة.