في إطار تعاليم الإسلام الحكيمة التي تشدد على بناء مجتمع متماسك يعتمد على الاحترام المتبادل والخصوصيات الفردية، يأتي الأمر بالحرص على عدم التدخل في شؤون غير المسلمين كأمر أساسي. يؤكد الدين الإسلامي دوما على أهمية احترام حقوق الإنسان وحرمة اختيارات الآخرين طالما أنها لا تضر بمصلحة المجتمع العام. وهذا ما يعكس جوهر العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
تدعو سور مثل سورة البقرة وآل عمران المؤمنين للتركيز أولاً وأخيراً على أعمالهم الخاصة بدلاً من الانشغال بتعديل تصرفات الجميع حولهم. كما ورد أيضا في الحديث القدسي "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثتهم به أنفسهم وما خالجتهم به نفوسهم ما لم يعملوا به أو يتكلموا". هذا يدل بشكل واضح على رفض التدخل في أفكار وشؤون الناس إلا عندما تتطور لتكون أفعال ملموسة لها تأثير سلبي مباشر.
بالإضافة لذلك، نجد في السنة المطهرة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". هنا يتم التشديد مرة أخرى على فكرة التعاطف واحترام مشاعر وجوانب الحياة المختلفة لكل فرد ضمن الجماعة الإسلامية.
وفي نفس السياق، يشجع الدين الإسلامي القادة والمستشارين السياسيين والعاملين الاجتماعيين وغيرهم ممن قد يكون لديهم دور مؤثر، بأن تكون توجهاتهم نحو حل المشاكل العامة وليس استهداف الأفراد وإعطاء الدروس لهم بسبب قرارات شخصية خاصة بهم.
بهذا المنظور، يمكن النظر إلى العلاقة بين المسلمين وبقية العالم بطريقة أكثر وعي وتفهماً. فهذه الدعوة ليست فقط لحماية الحقوق الفردية وإنما أيضاً لبناء روابط اجتماعية أقوى تقوم على التفاهم والتسامح والحوار المنتج المبني على أساس الثقة المتبادلة. إن اتباع هذه النصائح القرآنية والنبوية سيؤدي بلا شك إلى تحقيق السلام والاستقرار داخل البيئة الاجتماعية المحلية والدولية.