إن إحسان المرء إلى والديه ليس مقتصرًا فقط خلال حياتهما، بل يمتد أيضًا لما بعد رحيلهما إلى دار البقاء. الإسلام يدعو بشدة إلى برّ الوالدين حتى وإن كانا قد فارقا الحياة، وذلك عبر سلسلة من الأعمال الصالحة التي يمكن للمسلم القيام بها لإرضائهما أمام الله عز وجل.
أول هذه الطرق هو الدعاء لهما والتوسل إليهما لدى رب العالمين بالرحمة والمغفرة. فقد جاء في الحديث النبوي الشريف أنه "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". لذا فالاستمرار في الدعاء للأبوين المتوفين يعد أحد أهم أشكال الإحسان إليهم.
ثاني تلك الوسائل المحببة هي قضاء الديون عنهما إن كانت لديهما ديون قائمة قبل وفاتها. هذا العمل الكريم يعود بالنفع الكبير عليهما ويضمن دخولهما الجنة بإذنه سبحانه وتعالى. بالإضافة لذلك، يقوم المسلم بتقديم الصدقات نيابة عنهما وتوزيع الطعام المبارك عليهم كنوع آخر من أنواع البر المستمر.
كما يجدر ذكره أنه يحسن تقديم القراءة للقرآن باسم الأموات أو تبني كتب العلم والمعارف الإسلامية لتكون روحانية تعزز مكانتهم عند الخالق. كذلك فإن تكريم أقاربهم وإظهار الاحترام لهم يشكل جزءاً مهماً من برنامج الإحسان الواسع الذي يستهدف إسعاد الروح المغادرة والجسد المقيم.
وفي النهاية، الاحتفال بمناسبات ميلادهما وموتها ودعم ورعاية أفراد العائلة الذين تركوهما خلفهم يُعد مؤشر واضح على مدى اهتمام الفرد بالإنسان الذي احتوى طفولته ورباه طيلة سنين عمره الأولى. بهذا النهج الثابت نحو تحقيق رضوان الرب جل وعلى وسعادة الآباء والأجداد ، نسعى لنرى رضا أمجاد عن أعمالنا ونبلُّ وسام شرفهن إذ نتبع منهاجهن القويم .