الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم. في رحاب العقيدة الإسلامية، يبرز مفهوم القضاء والقدر، وهو أحد أركان الإيمان الستة التي يؤمن بها المسلم. القضاء والقدر يشملان نوعين رئيسيين: القضاء المبرم والقضاء المعلق.
القضاء المبرم، أو القضاء الأزلي، هو ما سبق في علم الله تعالى قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في صحيح مسلم. هذا النوع من القضاء لا يتغير ولا يتأخر، وهو ثابت ومبرم في علم الله. قال الله تعالى: "وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا" (المنافقون: 11)، وقال تعالى: "مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ" (قّ: 29).
أما القضاء المعلق، فهو ما يتعلق بعلم الملك الموكل، فيقع فيه التبديل والتغيير والإثبات والمحو. هذا النوع من القضاء ينفع فيه الدعاء والصدقة، لأنها معلقة عليهما. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" (متفق عليه عن أنس).
في علم الله تعالى، كل شيء مقدر ومكتوب، ولكن القضاء المعلق يمكن أن يتغير بناءً على أعمال العبد. قال الإمام النووي: "إن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله وعلمه في الأزل، فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك".
ومن الأمثلة على القضاء المعلق ما ورد في الحديث الشريف: "من أراد أن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه"، حيث يمكن أن يتغير عمر الإنسان بناءً على صلة الرحم.
في الختام، القضاء المبرم هو ما سبق في علم الله تعالى ولا يتغير، بينما القضاء المعلق هو ما يتعلق بعلم الملك الموكل ويمكن أن يتغير بناءً على أعمال العبد. هذا التمييز يساعد المسلم على فهم مكانته في نظام القدر الإلهي والعمل بما يرضي الله تعالى.