في سياق الطقوس الإسلامية المرتبطة بالحج والعمرة، يتميز الطواف حول الكعبة المشرفة بعددٍ من الشعائر التي لها أهميتها الروحية والدينية. ومن بين هذه الشعائر، يأتي "استلام الركن اليماني" كجزء أساسي من الأشواط السبعة المتكررة أثناء أداء الطواف. يدخل حكم الشرعية لهذا الفعل ضمن فهم عميق لتعاليم الإسلام والنصوص الشريفة التي توضح تفاصيل العبادات المفروضة والمستحبة.
وفقاً لما ورد في النص الأصلي، يشير العديد من الفقهاء إلى أن استلام الركن اليماني مستحب ومشروع تمامًا خلال كل شوط من أشواط الطواف. يعزز هذا الاستلام المعنى الروحي للأعمال التعبدية ويعكس احترام المسلمين لله ولبيت الله الحرام. ومع ذلك، يجب التنبيه إلى نقطة هامة وهي أنه لا يجوز الإشارة فقط إلى الركن بدلاً من استلامه فعليا إلا عند وجود سبب وجيه يعوق القدرة البدينة على القيام بذلك بشكل مباشر وبصورة آمنة وغير مؤذية لأحد. وهذا التأكيد منطقي لأنه مبني على عدم ورود حديث صحيح يؤكد صحة إجراء الإشارة دون الاستلام نفسه.
وفي حين أن استلام الركن مصاحب بكلمة "بسم الله" أو "الله أكبر"، إلا أن تكرار هذه الكلمات غير وارد حسب الأدلة التاريخية والمعاصرة للإسلام المبنية على سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته رضوان الله عليهم.
أما بالنسبة لحكم تقبيل الحجر الأسود، فقد ثبت شرعه بناءً على فعل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتمسك الصحابي الجليل عمر بن الخطاب بهذا العمل رغم تحفظاته المنطقية بشأن الطبيعة الفيزيائية للحجر كونها مجرد قطعة رخامية خالية من القدرة الذاتية للإضرار أو النفع. هنا يكمن درس مهم يتعلق بفهم طبيعة العبادة في الإسلام والتي غالبًا ما تتضمن أعمال تبدو خارج إطار الفهم البشري ولكنها أمرت بها السلطة التشريعية الأعلى والأكثر إدراكا لحكمة الأمر الرباني.
وعليه، بينما يمكن اعتبار القبلة رمزا للتقديس والإخلاص فيما يتعلق بحجر إسماعيل، فهي ليست تقديرًا ذاتياً للقيمة الحقيقية للحجر بل خدمة لإرادة الخالق عز وجل وخالق المكان المقدس ككل. وبالتالي، فإن قبول مثل هذه الأعمال والسلوكيات كممارسات دينية متفق عليها داخل المجتمع الإسلامي تعتبر جزء حيوي من النظام العقائدي العام للدين الإسلامي.
بالانتقال الآن نحو مسالة تقبيل ستار الكعبة، فإن الحكم الشرعي لهذه المسألة أكثر غموضا ودقتها أقل الوضوح بالمقارنة مع سابقاتها. بدون دليل واضح ومتفق عليه عبر الفتاوى الضابطة للشريعة الإسلامية، يبدو أنه من الأنسب تجنب ابتكار شعائر جديدة غير مرخص بإضافتها إلى نظام عبادة القرآن الكريم والصحيح من السنّة المطهرة. إن دراسة طريقة عمل وعمر ابن الخطاب رضي الله عنه تجاه الحجر الأسود تقدم مثالاً واضحاً على كيفية الامتناع عن إضافة أي شكل جديد للتعبير الديني دون أساس قرآني أو سلفي ثابت ومؤكد.