الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. في موضوع جمع الصلاة في السفر القصير، نجد أن المسافر له رخصة في جمع الصلاة، سواء كان سفره طويلاً أو قصيراً، بشرط أن تكون المسافة مسافة قصر، وهي محددة بأربعة برد، أي حوالي 83 كيلومتراً.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا" (النساء: 101). وهذا يشمل القصر والجمع، حيث يجوز للمسافر أن يجمع بين الصلوات التي يمكن جمعها، مثل الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
وقد وردت أحاديث نبوية تؤكد هذه الرخصة، منها ما رواه مسلم في صحيحه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك، فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء، حتى إذا كان يوماً أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً".
ومن المهم أن نلاحظ أن الجمع لا يقتصر على حال السير فقط، بل يجوز للمسافر أن يجمع ولو كان نازلاً، كما ورد في حديث معاذ رضي الله عنه السابق. ومع ذلك، فإن الجمع ليس واجباً على المسافر، بل هو رخصة له، ويمكنه أن يصلي كل صلاة في وقتها إن شاء.
وفيما يتعلق بالمدة التي يمكن فيها الجمع، فإن جمهور العلماء يرون أن الجمع جائز في السفر القصير طالما كانت المسافة مسافة قصر. أما بالنسبة للمدة التي يقيمها المسافر في مكان ما، فإن الإقامة التي تقطع حكم السفر هي إقامة أربعة أيام فأكثر.
وفي الختام، نذكر أن الجمع في السفر القصير هو رخصة شرعية للمسافر، وهي مبنية على قاعدة "يسر" الإسلام ورفع الحرج عن عباده. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى.