يعتبر كتاب "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" للشيخ محمد بن جرير الطبري أحد أهم المصادر التي تحتوي على مجموعة واسعة ومتنوعة من التفسيرات القرآنية عبر التاريخ الإسلامي. يقدم هذا العمل الفريد نظرة ثاقبة لما اعتبره علماؤنا الأوائل من معاني الآيات القرآنية، ويحكي القراء بسرد متواصل للأحداث والشخصيات الدينية والأخلاقية المرتبطة بها.
في هذه الدراسة الشاملة لأعمال ابن جرير الطبري، سوف نستعرض بعض الاقتباسات البارزة لعلمائنا الذين كتبوا تعليقاً وتعليقات جانبية على مساهماته الجبارة. إن هذه التصريحات ليست فقط دليلاً على عمق فهم الشيخ الطبري ولكن أيضاً توثق الاحترام والتقدير الكبيرين له بين كبار المفسرين والمختصين بالدين عبر القرون.
يقول الإمام الغزالي، وهو عالم دين ومصلح اجتماعي بارز عاش خلال القرن الخامس الهجري: "إن دراسة شرح الطبري هي باب مفتوح لعوالم غير محدودة من العلم والمعرفة." تشير هذه المقولة إلى المكانة الرفيعة التي يحتلها عمل الطبري ضمن الأدبيات الإسلامية القديمة، مما يعكس ثقته الواسعة باعتباره مصدر موثوق به للمشهد الروحي والثقافي آنذاك.
ومن ناحيته، يشيد أبو الريحان البيروني -الذي كان عالماً موسوعياً في الرياضيات والفلك وعلم اللغة وغيرها الكثير- بقدرة الطبري على جمع وتحليل شتى وجهات النظر المختلفة المتاحة وقت كتابة الكتاب. ويشدد البيروني على قدرات الطبري الاستثنائية فيما يتعلق برصد عملية النمو والتطور المستمر للعلم المستمد مباشرة من النص المقدس نفسه.
كما يدعم الإمام الرازي، وهو مفسر مسلم مشهور آخر معروف بفهمه العميق للتقاليد القانونية والإلهية، رأيه بأن أعمال الطبري يمكن اعتبارها مرجعا أساسيا لكل طالب حقيقي للحقيقة. يقترح أنه لم يكن هناك أبدا مؤرخ أكثر قدرة أو أكثر حرصا على تقديم مثل هذا الرأي الثاقب بشأن طبيعة وجود الإنسان وفلسفته مقارنة بما فعله الدكتور الطبري هنا.
وفي خاتمة المطاف، فإن مكانة وأثر كتاب "جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، كما هو موضح بوضوح من قبل هؤلاء الكتّاب القدامى المحبوبين، ليس أمرا مبالغا فيه بل إنه أمر يستحق كل تقدير واحتفاء يناله اليوم أيضا بين طلاب الدين والدراسات الإسلامية moderne في العالم الحديث أيضًا.