كان دور الصحابة رضي الله عنهم حاسماً ومتميزاً في تاريخ الإسلام، خاصة فيما يتعلق بالقرآن الكريم. إنهم ليسوا مجرد رواة للحديث النبوي الشريف فقط؛ بل كانوا أيضاً أولئك الذين عاشوا القرآن وأحكموه حتى أصبح جزءاً من حياتهم اليومية. هنا نستعرض بعض المواقف البارزة التي تعكس صدق إيمانهم وتقديرهم العميق للنص الإلهي.
أولاً، هناك موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما اضطُر النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الاختباء خلال غزوة الطائف بسبب تهديد قريش. قام أبو بكر بشراء راحلة ورافقه أثناء هجرته إلى المدينة المنورة، مخاطرًا بحياته ليحمِ الوعاء الوحيد للحفاظ على الوحي، وهو محفوظات القرآن الكريم. هذا العمل البطولي يجسد تفاني المسلمين الأوائل نحو الحفاظ على كلام الله.
ثانياً، يمكننا النظر إلى حالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد اعتناقه للإسلام. رغم كونه أحد أقوى خصوم الإسلام سابقًا، فقد تحول بعمق تحت تأثير القرآن. عند دخوله دار الأرقم بن أبي الأرقم ليبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم للعهد بذلك الدخول, كان لديه نسخة مما قرأ من القرآن وكان يقرأها بحماس شديد أمام الناس ويقول أنها ما جاء بها إلا نبياً صادقا.. وهذا دليل واضح على التأثير القوي الذي مارسه القرآن في قلبه وعقله.
وفي الجانب الآخر من العالم، كانت المرأة المسلمة أيضًا تلعب دوراً هاما في الحياة الإسلامية المبكرة. أم سلمة بنت أبي أمية رضي الله عنها -التي عاشت فترة طويلة بما فيه الكفاية لتكون شاهداً على نزول العديد من الآيات- لم تكن تحمل نسخ مكتوبة من القرآن ولكن ذاكرتها كانت ممتلئة بآيات كثيرة حفظتها عن ظهر قلب. هذه الأمثلة توضح الاحترام المتبادل بين الرجال والنساء تجاه النص المقدس.
بالإضافة لذلك، فإن حرص الصحابة على فهم ومعرفة كل جانب محتمل من جوانب الدين يشكل مظهرا آخر من مظاهر تقديسهم للقرآن. لقد درسوا الآيات بدقة وبحثوا عن المعنى الروحي والحكمة خلف كل حرف وكل كلمة. كما سعوا لإرشاد الآخرين واستخدام معرفتهم لتحقيق العدالة الاجتماعية داخل مجتمعاتهم الصغيرة وكبيرة الحجم.
ختاماً، تجدر الإشارة إلى أن الإخلاص والتزام الصحابة بروحانية القرآن قد ترك أثرا خالدًا عبر التاريخ الإسلامي بأكمله. إنها تنقل لنا رسائل مهمة حول أهمية التفاهم العميق لكلماته وتعزيز العقيدة الشخصية والعيش وفقا لأوامره ونواهيه.