يأمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر في هذه الآية الكريمة، حيث يقول: "فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل". هذه الآية تأتي بعد تقديم الأدلة على النبوة والتوحيد والمعاد، وتؤكد على أهمية الصبر والثبات في وجه الشدائد التي قد يواجهها الرسول صلى الله عليه وسلم.
"أولو العزم" في هذه الآية يشير إلى الرسل الذين يتميزون بالثبات والحزم في مواجهة التحديات. هناك اختلاف بين المفسرين حول تحديد هؤلاء الرسل، فبعضهم يرى أنهم جميع الرسل، بينما يرى آخرون أنهم عدد محدد منهم. مجاهد يرى أنهم خمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين. بينما يرى ابن عباس أنهم أصحاب الشرائع.
ويشير تفسير الآية إلى أن الصبر المطلوب هنا هو صبر الرسل الذين واجهوا تحديات كبيرة في دعوتهم. إبراهيم عليه السلام صبر على ابتلاءاته في ماله وولده ووطنه ونفسه. موسى عليه السلام صبر عندما قال له قومه: "إننا لمدركون". داود عليه السلام صبر بعد خطيئته، وبكى أربعين سنة حتى نبتت من دموعه شجرة وقعد تحت ظلها. عيسى عليه السلام صبر عندما لم يضع لبنة على لبنة، وقال: إنها معبرة فاعبروها ولا تعمروها.
ويؤكد تفسير الآية على أن الصبر المطلوب هو صبر الرسل الذين كانوا صادقين في دعوتهم، وثقوا بنصر الله، واهتموا بما سلف من هفواتهم، وزهدوا في الدنيا. ويختم تفسير الآية بأن الصبر المطلوب هو صبر الرسل الذين كانوا أولو عزم وحزم ورأي وكمال عقل.
وفي النهاية، تؤكد الآية على أهمية الصبر والثبات في مواجهة الشدائد، وتذكرنا بأننا كمسلمين يجب أن نقتدي برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في صبره وثباته.
