فيما يتعلق بأوجه الاستعاذة والبسملة عند الانتقال بين أواسط السور، فإن المسألة ليست واضحة بشكل قاطع في كتب التجويد والقراءات، حيث لم يجد الباحثون نصوصًا واضحة في شروح الشاطبية، والجزرية، والدرر اللوامع وغيرها. ومع ذلك، فقد وجد بعض المعاصرين المتخصصين في التجويد نصوصًا تشير إلى الانتقال بين أواسط السور من غير استعاذة ولا بسملة، وإنما بسكتة يسيرة.
يقول الشيخ حسام الكيلاني: "ولا حاجة إلى الاستعاذة والبسملة عند الانتقال من سورة إلى بعض آيات من سورة أخرى ليس من أولها" (البيان في أحكام تجويد القرآن، ص/27). ويمكن الاستئناس بخطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بها ويعملها أصحابه لذلك القول؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها مجموعة من الآيات الواردة في سور عدة، ولم يرد فيها ذكر الاستعاذة والبسملة.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله... يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام..." (رواه أبو داود، رقم/2118، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود").
أما بالنسبة للاستعاذة والبسملة في بداية ووسط السور، فإن الاستعاذة تنبغي عند الشروع في القراءة بدليل قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. وصيغة الاستعاذة هي: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". وهناك صيغة أخرى يفيدها حديث أبي سعيد الخدري ﵁ في السنن وهي: "أعوذ بالله من السميع العليم من الشيطان الرجيم.." وفي رواية زيادة: "من همزه ونفثه ونفخه".
وفيما يتعلق بالبسملة، فإنها تنبغي عند بداية السورة اتفاقًا، أما في وسط السورة فالأمر مختلف. ففي سورة التوبة، لا تقرأ البسملة عند بدايتها اتفاقًا، وفي غير بدايتها خلاف، والصحيح مشروعية قراءتها فيه؛ قال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "ولا بُد منها في ابتدائك سورةً سواها، وفي الأجزاء خيَّر من تلا". وقال الإمام ابن الجزري في النشر: "يجوز في الابتداء بأوساط السور مطلقًا سوى (براءة) البسملة وعدمها لكل من القراء تخييراً".
وبالتالي، فإن الانتقال بين أواسط السور من