الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وهدانا للصيام، وجعلنا من عباده المؤمنين. إن صيام شهر رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام، وقد حذرنا الله تعالى من تركه بغير عذر شرعي، حيث قال سبحانه: "وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" [البقرة: 184]. ومع ذلك، قد يقع بعض المسلمين في فخ الإفطار في نهار رمضان بغير عذر شرعي، مما يستوجب عليهم التوبة والاستغفار، بالإضافة إلى كفارة الإفطار.
في هذا المقال، سنستعرض أدلة كفارة الإفطار في الصيام، مستندين إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، مع شرح مفصل لكل نوع من أنواع الكفارة.
أولاً: كفارة الإفطار بغير عذر شرعي:
يجب على من أفطر في نهار رمضان بغير عذر شرعي أن يقضي ما أفطره من الأيام إلى الآن، كما تجب عليه الكفارة الكبرى إن كان قد حصل منه جماع في نهار رمضان. الكفارة الكبرى هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد من غالب قوت الناس.
ثانياً: كفارة الإفطار بالأكل والشرب:
لا شك أن الفطر في نهار رمضان بغير سبب شرعي كبيرة عظيمة، وخطأ جسيم لا يجوز الإقدام عليه. لكن إن كان بالأكل أو الشرب ونحوهما فلا يجب على المفطر إلا القضاء في قول أكثر أهل العلم، مع التوبة والاستغفار. ويرى المالكية أن الفطر بالأكل والشرب ونحوهما عمدا يوجب الكفارة، وهي عندهم على التخيير وليست على الترتيب.
ثالثاً: ترتيب أنواع الكفارة:
على جمهور أهل العلم أن خصال الكفارة الثلاث على الترتيب المذكور، بمعنى أن المكفر لا ينتقل عن واحدة منها إلى التي بعدها إلا بعد عجزه عنها. وذهب المالكية إلى أنها على التخيير، فللمكفر أن يفعل أيها شاء، والأفضل عندهم الإطعام، لأن فيه منفعة متعدية إلى الغير.
رابعاً: مقدار الكفارة:
المد هو ملء اليدين المتوسطتين، لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، ويساوي بالوزن سبعمائة وخمسين غراماً تقريباً. وجمهور العلماء على أنه لا يجزء إخراج قيمة الطعام، وذهب الحنفية إلى أن قيمة الإطعام مجزئة عنه.
خامساً: إخراج الكفارة نقداً:
يمكن إخراج قيمة الكفارة نقداً، وذلك بسؤال عن ثمن المد في السوق المحلية. ولا يكرر الدفع لمسكين واحد من كفارة يوم واحد.
سادساً: الجمع بين المساكين:
إذا جمع المساكين فغداهم