عكرمة بن أبي جهل، صحابي جليل وأحد أبناء الأمين المخزومي، ولد قائداً وشجاعاً في الجاهلية، وهو ابن أخي أبي جهل، عدو النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأشهر. رغم تاريخ عائلته الطويل من العداوة للإسلام والنبي الكريم، فقد هداه الله عز وجل إلى الدخول في الدين الحنيف بعد غزوة بدر.
بعد وفاة والده في تلك الغزوة، اختار عكرمة طريق الإيمان والاستقامة. أصبح معروفاً بصلاحه وجهاده. اعتنق الإسلام بحماس كبير وتعهد بمضاعفة نفقاته المالية لدعم الدعوة الإسلامية، كما وعد بالنضال بشراسة ضد أعداء الدين أكثر مما فعل سابقاً عندما واجه المسلمون.
اختلف المؤرخون حول تاريخ وفاته البطولية. بعضهم قال إنها كانت أثناء معركة اليرموك خلال خلافة عمر بن الخطاب، بينما ذكر آخرون أنها وقعت في معركة أجنادين أو مرج الصفر أيام الخليفة الراشد أبي بكر الصديق. بلغ عمره حينئذ اثنان وستون عاماً تقريباً.
في تلك المواجهة الأخيرة، لم يهرب عكرمة بل تصدى للروم بكل شجاعة وحماسة نادرة. نادى رفاقه بالدعوة إلى البيعة تحت راية الموت ونزل يدافع عن دين الحق بشجاعة فريدة ملأت قلبَه إيماناً ويقينا بأنه سيصل إلى مرتبة عالية عند رب العالمين. قصده الأعداء بأعداد هائلة ولكن قلبه لم يعرف الرعب ولم يستكين لأمر غير محتمَل أمام توفيق الرب سبحانه وتعالى وملائكتِه الوهابية تساند صفوفه دفاعًا عن الإسلام والإنسانية جمعاء.
توثقت الآيات القرآنية وتسابق الأحاديث النبوية في مدحه لما ظهر فيه من مواقف جديرة بالإعجاب والتقدير والتي أكسبته مكانة خاصة لدى الرسول الأعظم وخلفائه ومن معه من المؤمنين. ظلت أسطورته مشرقة عبر التاريخ الإسلامي خير شاهد على قوة الانتصار النهائي للإسلام مهما تعاظمت العقبات والعوائق.