في رحلة الإنسان عبر دنياه وعاقبته الأخروية، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى الهلاك أو الضلال. وفقًا للتوجيهات الإسلامية، فإن هذه الأحداث ليست من قبيل الصدفة فحسب؛ بل لها جذور متجذرة في سلوكيات الفرد وأفعاله اليومية. دعونا نتعمق أكثر لفهم بعض الأسباب الرئيسية للهلاك في الحياة الدنيوية وفي الآخرة بشكل مستمد من التعاليم القرآنية والسنة النبوية المطهرة.
1. الإعراض عن ذكر الله والتذكر المستمر له
يشير القرآن الكريم بوضوح إلى أهمية التذكُّر المستمر لله سبحانه وتعالى كوسيلة للحماية من الغواية والشيطان الرجيم. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ" [الكهف:24]. عندما ينشغل الإنسان عن ذكره وتدبره لربه، يصبح عرضة لأفكار سيئة وسلوكيات غير أخلاقية قد تقوده نحو طريق الهلاك.
2. اتباع الشهوات وحبّ المال الزائد
من الطبيعي أن تتجه النفس البشرية نحو المتاع والمباهج الحسية، ولكن يجب دائمًا التحكم بحرارة تلك الرغبات حتى لا تصبح عبئاً كبيراً يقود صاحبها للشقاء الدنيوي والعقاب الآجل. كما حذر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: «ما ملأ آدمي وعاءً شرًا مِن بطنه». فعندما يغرق المرء طمعاً وشهوة للمادة، فقد يؤثر ذلك سلبياً على قيمه وأخلاقه ويسبب هلاكه روحيًا وماديًا أيضاً.
3. الانحراف بالقضاء والقدر والإصرار على المعصية
التأكيد الكبير موجود أيضًا داخل العقيدة الإسلامية حول عقيدة القضاء والقدر بأن كل ما يحدث في هذا العالم هو مقدر مسبقا وقد كتبه الله عز وجل منذ بدء الخلق. إلا أنه رغم معرفتنا بهذا الأمر، ليس عذرًا للإقبال على ارتكاب الخطايا والمعاصي بداعي أنها جزء من القدر المكتوب لنا بالفعل! إن إدراكنا لقصر العمر وعدم ثبات البلاء يعزز دور الاستعداد والحذر من المغريات المؤدية لعقاب رباني مؤكد.
4. عدم احترام حدود الله وكسر حرماته
إن خروج الإنسان عن إطار التشريع الرباني لإدارة حياته وتحريك شهقات نفسه يعد خطيئة جسيمة تهدد سلامته الروحية والدنيوية كذلك. إذ يؤكد الدين الإسلامي بشدة ضرورة التقرب إلى الجبار برضا وطاعة لأوامره واجتناب نواهيه باعتباره الطريقة الوحيدة لتحقيق الامن والاستقرار الداخلي لكل فرد مسالم القلب والروح. ومن هنا تأتي أهمية تعزيز روابط المسلم الروحية وعظمته أمام خلقه قدر الإمكان لتجنب الوقوع تحت تأثير المشاعر المدمرة وانتشار روح الشر داخله وخارجه مما يستتبع اهتزازات وجوديته عمومًا.
5. غياب الرضا والقناعة بما قسمه الله لعبده الصالحين
قد يؤدي الشعور بعدم رضانا بالرزق والنعم الأخرى الواصلة إليه مباشرة بسبب عوامل مختلفة كالغيرة والحسد وغيرهما الكثير إلى شعوره الدائم بفراغ وغربة نفسيه تجاه محيطه الخارجي وبالتالي فتح مجالات جديدة للغضب والكراهية ضد الآخرين بما يعني زيادة احتمالية اقتراف أعمال مشينة تضعه ضمن دائرة أهل النار يوم القيامة حسب الوصف القرآني لهم برفقة شياطينه الذين كانوا يزينونه لما فيه زوال سعادتهم وزوال صلاح حالتهم الإنسانية بامتياز.
وفي النهاية ، فإن فهم طبيعة حياة المتعاطفين السلبيين لهذه الأفكار المنفردة يمكن أن يشكل فرصة سانحة جديرة بمراجعة الذات بهدف تغيير مساره الحالي نحو درب هدى ورشاد قبل حلوله اللحظة الأخيرة والتي تبقى فيها الفرص ضيقة جدًا –على أقل تقدير– لحسن التصرف ورد الاعتبار لنفسه مرة أخرى لدى قابض الأمور بذاته جل علاه, وهو علام الغيوب ومتفضل بالعظيم على خلق كثيرٍ منه مغلوبٌ بكثرة ظلام قلوب البعض منهم مقابل نور الرحمة المندلع دومًا للأتقياء المحبين الصادقين لشريعته المقدسة...