شرع الله تعالى الشرائع الحكيمة التي تهدف إلى صلاح حال عباده، ومن هذه الشرائع رخصة الفطر في رمضان للحائض والنفساء، رحمة بهم وحفاظًا على صحتهم. فخروج الدم أثناء الحيض والنفاس يضعف بنية الجسد، مما يستوجب الغذاء للحفاظ على الصحة والعافية. كما رخص الله تعالى الفطر للحامل والمرضع في أثناء الحمل وبعده في الرضاعة، مراعاة لحالتهما وحالة الولد.
أوجب الله تعالى قضاء الصيام على كل من رخص له الفطر، إلا من أصيب بمرض يعجزه عن الصيام. وبما أن الحامل والمرضع أفطرتا لمجرد الراحة فقط، فإنهما بذلك وجب عليهما القضاء لقوله تعالى: "فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ". واتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أن الحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما وجب عليهما القضاء فقط.
أما إذا أفطرتا خوفا على الولد، فذهب بعض العلماء إلى وجوب القضاء والفدية، بينما ذهب الشيخ صالح ابن العثيمين إلى القول بوجوب القضاء فقط دون الفدية في حال أفطرت المرأة الحامل أو المرضع خوفاً على نفسها أو خوفاً على الجنين؛ لأنهما غاية ما يكونان كالمريض والمسافر، فيلزمهما القضاء فقط.
يجب على المرأة أن تقضي الأيام التي أفطرتها بسبب الحيض أو النفاس، أو بسبب الحمل والإرضاع قبل دخول رمضان آخر. ومن أخّرت القضاء إلى ما بعد رمضان آخر لغير عذر شرعي، فعليها التوبة إلى الله -عز وجل- من ذلك مع القضاء، وإطعام مسكين عن كل يوم أفطرته. أما إن كانت أخرت القضاء لعذر شرعي فإن عليهما القضاء فقط دون الإطعام بعد البرء من المرض.