ظهرت الحاجة إلى التعليم النظامي لأول مرة في التاريخ الإسلامي بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مباشرةً. وقد كانت هذه الخطوة حاسمة لتثبيت الأحكام والشرائع الإسلامية الجديدة التي لم تكن معروفة سابقاً للعديد من المسلمين الجدد الذين اعتنقوا الدين حديثا. بدأت العملية التعليمية التقليدية عبر "المدارس"، ولكنها لم تتخذ شكلاً رسمياً كما نعرف اليوم إلا خلال عهد الخلفاء الراشدين.
في السنة الثالثة عشر للهجرة، فتح علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- باب العلم أمام الجميع بغض النظر عن العرق أو الأصل الاجتماعي. يُعتبر هذا الفتح بداية عصر النهضة الثقافية والعلمية في الإسلام. لكن الاهتمام الأكبر بتأسيس المدارس جاء لاحقاً تحت حكم الدولة الأموية وبالتحديد في عهد الوليد بن عبد الملك حوالي العام 72 هجري (691 ميلادي).
كانت أول مدرسة إسلامية تُعرف باسم "دار الهجرة". تم بناؤها بالقرب من المسجد النبوي في المدينة المنورة وتحتوي على قسمين رئيسيين: واحد خاص بالتلامذة الصغار وآخر مخصص لتعليم البالغين. كان البرنامج الدراسي يشمل القراءة والكتابة والحساب إضافة إلى دراسات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والفقه والقواعد العربية.
مع مرور الوقت، انتشرت فكرة بناء المزيد من المدارس في مختلف أنحاء العالم الإسلامي مما أدى إلى ازدهار المعرفة والثقافة بشكل كبير. ومع ذلك، ظلّ تركيز تلك المؤسسات دائماً على نشر الفهم العميق للدين والإرشاد الأخلاقي جنباً إلى جنب مع المهارات العملية اللازمة للحياة اليومية. وهكذا، أسست هذه التجربة الرائدة للعقلانية والتسامح طريقها نحو حضارة عالمية متقدمة تستمد جذورها من تعاليم الإسلام ومبادئه الإنسانية.