في سياق أغوار الكتاب المقدس والتاريخ القديم، يأخذنا يوم الزينة في رحلة عبر الزمن. ومن بين العديد من الأدبيات الدينية والثقافية، ورد ذكر يوم الزينة بشكل بارز في سورة طه من القرآن الكريم، إذ جاء فيه: "{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}" [طه: 69]. هنا، يشير يوم الزينة إلى الموعد الذي تحدده نبي الله موسى عليه السلام لمواجهة ساحر فرعون.
وفقاً لتفسير الجلالين، فإن مصطلح "يوم الزينة" ربما يعكس يوماً للاحتفال والعيد عند المصريين القدماء. قد يكون هذا اليوم أحد أيام السوق الرئيسية التي كانوا يتزينون بها اجتماعياً، أو حتى عيد خاص بهم يتميز بالتجمهر والسلوك الاحتفالي الكبير.
ويضيف التأريخ الإسلامي طبقة أخرى لهذه القصة المثيرة للإعجاب عندما يتحدث عن اللقاء الشهير بين موسى عليه السلام وساحر فرعون. وكان قرار الجمع بينهما في يوم الزينة مدروسًا جيدًا؛ فقد اختاره موسى عليه السلام لما يحمله هذا اليوم من رمزية واحتفالات يمكن استخدامها لصالح دعوة الحق والحقيقة. وكانت الخطة هي إظهار قوة كلمتي الله ضد خداع السحر الذي يدندن به ساحر فرعون. ولكن رغم الغلبة الواضحة لنصرة الإله الحقيقي، ظل فرعون متجبراً متمرداً على الحقائق المرئية أمام عينيه.
ولعل ارتباط يوم الزينة بعيد النيروز أكثر ما يلفت النظر. فهذه المناسبة المرتبطة تقليدياً بيوم الشتاء/الصيف حسب التقويم القبطي -أي العاشر من شهر محرم بالتقويم الهجري- تحولت بحلول عصر الدولة البطلمية إلى علامة مميزة لبدء العام الجديد هناك. ويكتنفها نوعٌ مماثلٌ من مظاهر الاحتفالات العامة مثل ارتداء الثياب الجميلة وبث المساحيق الملونة وصنع ديكورات خاصة للسوق المحلية. ولا تزال هذه الثقافة الشعبية تنبض بالحياة داخل المجتمع المصري الحديث وكذلك مجتمعات كردستان وهند باكستان وهكذا دواليك حول العالم. إنها صورة حيّة للألفة الاجتماعية والفخر الثقافي بغض النظر عن المكان الذي تُمارَس فيه تلك الأعراف السنوية القديمة.
وفي نهاية المطاف، يبدو أن يوم الزينة هو جزء مهم من تراث المنطقة الشرق أوسطية الطويل والعريق والذي يستمر حتى الآن في شكل مختلف قليلاً لكنه يحافظ على جوهره الروحي والأخلاقي الخاص به.
