تعتبر عملية صنع القرار السياسي عملية معقدة ومتعددة الأوجه تتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل التي يمكن تصنيفها إلى قسمين رئيسيين هما العوامل الداخلية والعوامل الخارجية. تُعنى هذه الدراسة بتحليل تأثير كل من هذه العوامل على مدى فعالية وصحة القرارات السياسية.
العوامل الداخلية: تشمل تلك العوامل الداخلة ضمن الهيكل المؤسسي للدولة نفسها. ومن أهم هذه العوامل النظام الانتخابي الذي يُحدد طريقة اختيار القادة السياسيين وكيفية تنظيم السلطة بين السلطات المختلفة داخل الدولة. أيضاً، دور البرلمان والحكومة التنفيذية والمؤسسات القضائية هو أمر بالغ الأهمية في هذا السياق. فعلى سبيل المثال، قد تؤدي طبيعة نظام الحكم (مثل الرئاسي أو الوزاري) إلى اختلاف طرق اتخاذ القرار وتوزيع المسؤوليات. بالإضافة إلى ذلك، تلعب ثقافة المجتمع ودوره أيضًا دوراً هاماً؛ فالتقاليد الثقافية والمعتقدات الاجتماعية غالبًا ما تساهم في توجيه السياسة الحكومية واتجاهات التصويت. كما يلعب الفساد والإدارة المالية غير الشفافة دوراً محوراً فيما يخص ثقة الناخبين وأداء الحكومة.
العوامل الخارجية: بينما تؤثر عوامل مثل العلاقات الدولية والتكامل الاقتصادي والتبعيات الاستراتيجية بشكل مباشر وغير مباشر على العملية الديمقراطية المحلية، فإن تواجد الدول الإقليمية والقوى العالمية يعد عاملاً أساسيًا آخر. فعلاقتها التجارية والاستثمار المتبادل لديها القدرة على التأثير بشكل كبيرعلى سياسات البلدان المستهدفة - سواء بإرادتها أم بدونها. علاوة على ذلك، تعتبر الحرب والصراعات النزاعية عوامل كارثية قادرة على إحداث اضطراب سياسي عميق لدى أي شعب معرض لهذه المصائب. أخيرًا وليس آخرًا، تطورات البيئة الدولية الحديثة، وبخاصة الابتكار العلمي للتكنولوجيا الجديدة والاستعداد لها بسرعة وحكمة، أصبح الآن ضرورة ملحة لكل بلد يرغب بالحفاظ على مقدرته التفاوضية السياسية والدفاع عن مصالح شعبه المناسبة عالمياً.
بشكل عام، إن فهم كيفية التدخل لهذه القوى المقيدة بحرية الاختيار المنشودة يشكل أساساً حيوياً لأي مجتمع يسعى للاستقرار السياسي والتنمية المستدامة عبر الزمن.
