تلعب عملية التنشئة الاجتماعية دوراً حاسماً في تشكيل هويات الأفراد ونموهم النفسي والاجتماعي منذ ولادتهم وحتى مرحلة البلوغ وما بعدها. هذه العملية المعقدة تتضمن مجموعة متنوعة من الوسائل التي تؤثر بشكل مباشر على سلوك الإنسان وفهمه للعالم من حوله، مما يؤدي إلى بناء شخصيته ومواقفه تجاه مختلف جوانب الحياة. سنتعمق هنا في بعض أهم أشكال وأساليب التنشئة الاجتماعية وكيف يمكن لهذه الأنماط المختلفة أن تساهم في تنمية أفراد مجتمعات صحية ومتفاعلة.
- التنشئة العائلية: تُعد البيئة المنزلية أول مكان للتواصل الاجتماعي للطفل، حيث يكتسب أساسيات اللغة والثقافة والقيم الأخلاقية. الآباء والمعلمين هم النماذج الأولى للأطفال، ويحاول الأطفال تقليد تصرفات آبائهم ومعلميهم. هذا النوع من التعلم يحدث غالبًا بطريقة غير رسمية، لكنه له تأثير عميق ودائم على شخصية الطفل وسلوكياته المستقبلية.
- التنشئة التعليمية: يعد التعليم الرسمي جزءاً مهماً آخر من رحلة التنشئة الاجتماعية. المدارس تقدم تعليم النظام الأساسي والأدبي والعلمي، بالإضافة إلى المهارات الحياتية مثل التواصل الجيد والإدارة الذاتية وحل المشكلات. يُشجع الطلاب أيضًا على تطوير علاقات اجتماعية مع زملائهم والتفاعل داخل المجتمع المدرسي. تعتبر التجارب الاجتماعية بالمدرسة من الأمور المؤثرة جداً في مسار حياة الشخص الأكاديمي والشخصي أيضاً.
- التنشئة الإعلامية: تلعب وسائل الإعلام دور رئيسياً كوسيلة لتعزيز قيم ومعتقدات ثقافية واجتماعية جديدة عبر الصور والنصوص والأفلام والبرامج التلفزيونية وغيرها الكثير. قد يكون ذلك إيجابيا أو سلبيًا حسب طبيعة المضمون الذي يتم تقديمه. يعمل الإعلام على توسيع آفاق التفكير لدى الناس ولكنه أيضا يحمل مخاطر تعرض الأفراد للإشارات الخاطئة حول القضايا الاجتماعية الحساسة إذا لم يتم استخدامه بحكمة وبمسؤولية.
- التنشئة الثقافية: تشير التنشئة الثقافية إلى تعلم كيفية الانخراط ضمن مكونات محددة للمجموعة الثقافية الواحدة والتي تضم الأعراف والدين وعادات الطعام واللغة والتقاليد التاريخية المحلية. تعد القدرة على فهم واحترام الاختلافات الثقافية أمر بالغ الأهمية لإقامة مجتمع متعدد الثقافات متسامح ومنفتح.
- التنشئة الروحية/ الدينية: توفر الدين فرصة فريدة لتكوين الهوية الشخصية والفكرانية وكذلك الشعور بالانتماء للمجتمع العالمي عند اتباع دين عالمي مثل الإسلام أو المسيحية مثلاً؛ فهو يعزز خلق شعور بالأمان والاستقرار الداخلي بينما يشجع أيضا الرعاية الإنسانية والرحمة تجاه الآخرين بغض النظر عمن هم أو ما معتقداتهم الخاصة بهم.
- التنشئة الاقتصادية: تؤثر الظروف الاقتصادية كذلك بشكل كبيرعلى تحديد المكانة الاجتماعية لكل فرد وعلى ملامحه المعرفية والسلوكية الناجمة عنها مباشرةً أو نتيجة حساسية تلك الطبقة نحو النظام الاجتماعي الحالي . إن المساواة الاقتصادية هي أحد المقومات الأساسية لبناء مجتمع أكثر عدلا وإنصافا وتعايشا بين كافة شرائحه طبقا لذلك المعيار ولا سيما فيما يتعلق بتوفير فرص الوصول المتساوي أمام الجميع للحصول على موارد أساسية كالغذاء والصحة التعليم بما ينعكس بدوره ايجابيّا على مستوى الاندماج وتميز الانتماء الوطني العام لاحقا بكل تأكيد!
إن فهم تأثير كل شكل من أشكال التنشئة الاجتماعية يساعدنا على تحسين طرق التربية الحديثة واستراتيجيات دعم الصحة النفسية العامة والجوانب الأخرى المرتبطة بصحتنا الجمعية عامة كالتربية السياسية ونشر الوعي الحقوقي المناسب.....إلخ... بحيث يستطيع المواطنون المواصلة بالعيش بنمط حياة صالح مفيد لهم ولمجتمعاتهم الأصلية وفق نظريات علم الاجتماع المعاصره الموضوعيه المبنية علي اساس واضح مدروس جيدا ومستند الي اجراء بحث ميداني شامل واسع المدى كما ذكرت سابقاً !