في مواجهة تحدي الفقر العالمي، يبرز الدور الحيوي للأخصائيين الاجتماعيين والمعنيين بخدمات الرعاية العامة في خلق الحلول العملية والتقدم نحو مجتمع أكثر عدلا وأكثر استدامة. يعاني الأفراد الذين يعيشون تحت خط الفقر عادةً من مجموعة متنوعة من المشكلات بما في ذلك الاعتماد على العقاقير غير القانونية، وتعاطي الكحول، والإهمال في رعاية الأطفال، ومستويات عالية من العنف، وانخفاض مستويات التعليم. يمكن لهذه الفرق المتخصصة أن تساهم بصورة فعالة في رفع مستوى الوعي حول هذه القضايا، مما يؤدي بدوره إلى تطوير إستراتيجيات ابتكارية وحلول قابلة للتطبيق للتخفيف منها.
إن تقديم المساعدة الإنسانية يعد جزءًا هامًا من جهود مكافحة الفقر. ويمكن للأخصائيين الاجتماعيين التعامل بشكل وثيق مع المنظمات الحكومية والأجنبية لتقديم الحزم الأساسية اللازمة لأولئك الذين هم بحاجة ماسة لها، والتي قد تتضمن الغذاء والمأوى والملابس وغيرها من الضروريات اليومية. ومع ذلك، فإن هذا النوع من المساعدة ليس كافيًا لوحده؛ فهو يحتاج أيضًا إلى دعم اجتماعي ورعاية صحية شاملة منذ الطفولة وحتى الشيخوخة.
تلعب التعليم دوراً أساسياً أيضاً في خفض معدلات الفقر وتحقيق التقدم الاجتماعي. عندما يتم تجهيز الأفراد بكفاءة عالية ومعارف تخصصية متقدمة، تصبح فرصة الحصول على عمل مجزي وجذاب أعلى بكثير. وهذا يفتح الباب لتوزيع الثروة بطريقة أجمل ويقلل من وجود فوارق كبيرة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة داخل نفس البلد الواحد.
دور الدولة حيوي كذلك فيما يتعلق بتشجيع وتمكين السكان الفقراء لكي يستعيدوا زمام الأمور بأنفسهم. إنشاء مناطق حرة اقتصاديًا والتسهيل لدخول سوق العمل المحلي هي خطوات مهمة للغاية. بالإضافة لذلك، فتح المجال للشركات الصغيرة الناشئة التي يديرها رواد الأعمال ذوو المهارات العالية يساهم بشكل مباشر في تعزيز الاقتصاد المحلي ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشاملة. ويجب إدراك أهمية تضمين أصوات الأكثر حاجة أثناء اتخاذ قرارات السياسة العامة لتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية.
وفي سياق آخر، تلعب الإدارة الفعالة للموارد العامة دور محوري أيضا في تخفيف وطأة الفقر. مثلا، بناء البنية التحتية المناسبة لإيصال المياه الصالحة للشرب والأراضي المنتجة للغذاء الى جميع المستويات الاجتماعية -خاصة تلك الفئات ذات الدخل المنخفض-. وبالتالي، تغذي هذه الخطوة مباشرة قدرتها الذاتية للسكان المحرومين وتجعلهم قادرين على الاستقلال اقتصاديا. وكذلك منح الوصول المجاني او القريب للانترنيت وللطاقات البديلة بسعر مناسب لهم ضرورية لمنطقة نائية أو شعب فقير حتى تبقى مرتبطة بالعصر الحديث ولا تهجر بسبب عدم القدرة على اللحاق بالتطور التقني والعلمي الحالي للعالم المتحضر الآن.
بشكل عام, ينصب التركيز الرئيسي على التركيبة المركبة لكل هذه الاتجاهات ممثلة بإجراء السياسات المدروسة جيدًا ووضع الخطط طويلة الأجل لكسر الحلقة المفرغة للفقر وتحويلها لصالح تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي مستمر ومتكامل للأجيال القادمة.