في ظل التحدي العالمي المستمر للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة, يُبرز الإسلام نهجه الفريد والمتميز في حماية ودعم حقوق المرأة. إن فهم التعاليم الإسلامية حول هذا الموضوع ليس فقط ضروري لتوضيح موقف الدين من مثل تلك القضايا, ولكنه أيضا مهم لفهم كيفية تطبيق هذه التعاليم بشكل عملي لتحقيق السلام المنزلي والاستقرار الاجتماعي.
وفقاً للتعليمات الإلهية والإرشادات النبوية, يعتبر العنف ضد المرأة - سواء كان جسديًا أم نفسيًا - محظورا بصورة واضحة. أولاً, ينصب التركيز على منع العنف نفسه عبر تعليم الاحترام والكرامة الإنسانية المشتركة بين الجنسين. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أهمية معاملة الآخرين - بما في ذلك الزوجات - بحب ولطف وصبر. يقول الله سبحانه وتعالى: "وعاشروهن بالمعروف". وبالتالي, هناك دعوة قوية للحفاظ على بيئة منزلية سلمية وخالية من سوء المعاملة.
بالإضافة لذلك, قدم الإسلام العديد من الآليات القانونية والدينية لمنع وإيقاف العنف عندما يحدث بالفعل. بالنسبة للعنف الجسدي, بينما يمكن استخدام العقوبة البدنية تحت ظروف معينة كتدبير أخير للتأديب الأخلاقي, إلا أنه يجب أن يتم بطريقة غير مؤذية وغير فظة. ويُشدد على ضرورة تجنب العنف الجسدي تماماً تجاه الأمهات والخادمات. بدلاً من ذلك, يدعو الإسلام إلى حل الخلافات بالسلوك الهادئ والصفح والتسامح.
وفيما يتعلق بالعنف النفسي, يشجع الإسلام على الحوار المفتوح والاحترام المتبادل داخل العلاقات الزوجية. فهو يحظر الضغط أو التحكم السلبي، ويعطي الأولوية لراحة وسعادة شريك الحياة. بالإضافة، يكفل احترام شخصية المرأة وحقوقها الشخصية وكرامتها حتى أثناء الغضب أو الانزعاج. وهذا يعني أن الرجال يجب عليهم تحمل واستيعاب حالات التقلب المزاج لدى زوجاتهن وعدم مهاجمة هويتهن الذاتية.
ومن الناحية التاريخية والنظرية الاجتماعية أيضاً, كانت مكانة المرأة عالية جداً ضمن المجتمع الإسلامي المبكر. لقد حصلت النساء على الحق في الملكية والفهم الحر للأعمال التجارية والعلاقات التجارية. هذا الاعتراف بالعقلانية والقدرة المالية للسيدة ساهم بشكل كبير في دعم استقلالها الاقتصادي والشخصي.
من الجدير ذكره هنا أن نظام القوامة الموجود في الإسلام لا يمنح الرجل سلطة الهيمنة أو الظلم كما قد يعتقد البعض خارجياً. إنه يتطلب منه الرعاية والحماية والدعم المالي لأسرته. إذا تم استخدامه بطريقة خاطئة، فهذا يعد انحرافاً عن جوهره وليست جزءاً أساسيًا من النظام الشرعي للإسلام.
في نهاية المطاف، يعترف الإسلام بأن سلامة وجود حياة مجددة ومتجددة تعتمدان على الاستقرار الداخلي للعائلة وعلى حسن خلق الأفراد نحو بعضهم البعض. بالتالي، يجب أن يستخدم المجتمعون لهذه التعليمات قاعدة لإحداث مجتمع أكثر عدلاً وانفتاحاً ومحبّةً لكل أفراده بلا استثناء جنسانياً.