- صاحب المنشور: يسرى بن زيد
ملخص النقاش:
**الأزمة الاقتصادية العالمية: جذورها وآثارها المستقبلية**
مع بداية القرن الواحد والعشرين، شهدنا عدة أزمات اقتصادية عالمية أثرت بشدة على حياة ملايين الأشخاص حول العالم. هذه الأزمات، مثل أزمة عام 2008 المالية، لم تكن مجرد أحداث عابرة؛ بل كانت نتيجة لعوامل متراكمة ومتشابكة تتضمن السياسات الحكومية، التنظيم المصرفي غير الكافي، المخاطر المتعلقة بالمشتقات المالية، والاعتماد الزائد على الائتمان. سنتناول في هذا المقال الجذور العميقة لهذه الأزمات وكيف يمكن أن تؤثر هذه التجارب على مستقبل الاقتصاد العالمي.
### الجذور التاريخية والأسباب الأساسية للأزمات الاقتصادية:
1. **السياسات الحكومية**: تلعب الحكومة دورًا رئيسيًا في خلق بيئة مستقرة للاقتصاد. لكن سياساتها، سواء كانت تقليدية أو تقدمية، قد تساهم في حدوث عدم استقرار. مثلاً، خلال فترة الإسكان الرخيصة التي تلت رئاسة جورج بوش الثانية، تم منح القروض لأشخاص ربما كانوا لا يستطيعون دفع الفوائد عليها. وهذا قاد إلى زيادة الطلب على العقارات وبالتالي ارتفاع الأسعار. عندما انهارت فقاعة العقارات، فقد العديد من المقترضين القدرة على الدفع وأدى ذلك إلى خسائر هائلة للبنوك والمؤسسات الاستثمارية.
2. **التنظيم المصرفي غير الكافي**: غالبًا ما يتم انتقاد البنوك لكونها "كبيرة جدًا لتنهار"، مما يعني أنها كبيرة ومهملة بدرجة كافية حتى أنه إذا فشلت، فإن تأثيرها سيكون مدمرًا للغاية بالنسبة للنظام المالي بأكمله. قبل أزمة عام ٢٠٠٨، كان هناك نقص ملحوظ في اللوائح التي تحكم عمليات التعامل بالأسواق المالية المعقدة والمعروفة باسم الأدوات المشتقة. هذا الأمر أدى إلى مخاطر أكبر بكثير مما يتحمله القطاع العام عند استخدام تلك الأدوات.
3. **المخاطر المرتبطة بالأدوات المشتقة**: تشمل الأدوات المشتقة مجموعة متنوعة من المنتجات المالية المشروطة بثمن الأصل الأساسي مثل الأسهم والسندات وغيرها من الأصول الثابتة والقيمة السوقية. تعتبر هذه الآلات معقدة وصعبة الفهم حتى لدى الخبراء المختصين بها وقد تكون مصدر خطر كبير بسبب درجة التحوط المنخفضة نسبيا منها مقارنة بحجم التعهدات المضمونة لها والتي وصل حجم ديون بعض الصفقات إليها قريبا مليارات الدولارات كل صفقة! وهو ما يعرض النظام المالي برمته لحالات خطط شديدة الخطورة بمجرد خلل بسيط بأحد جوانبك الرئيسية فيه.
4. **الإعتماد الزائد على الائتمان**: يشكل الاقتراض جزءا أساسياً من العمليات التجارية ولكنه أيضا يعتبر سبباً محتملا للإفلاس الشامل خاصة حين يفوق الإنفاق قدرتك على التسديد حيث تصبح الأموال اللازمة لسداد الدين الأولوية الأولى للمستثمرين وبالتالي ينقطع تدفق رأس المال وتبدأ دورة الانكماش الاقتصادي التدريجي نحو المزيد من التقشف وانعدام الثقة بالسوق وهبوط مستوى معيشة الأفراد والشركات الصغيرة.
وبذلك نرى كيف ان التفاعل بين عوامل عديدة شكل مناخاً خصباً لإنتاج أكبر حالات الركود منذ الثلاثينات رغم اختلاف طبيعتها وصفاتها فقد كانت آثار تلك الحوادث كارثيه حقيقيه ولكن تبقى اهم درس منها هو ضرورة وجود رقابة مناسبة ومنظمة بشكل فعال لتحافظ علي ثبات واستقرار اي نظام ماليات مهما بلغ تقدمه .فالاستقرار الوهمي ليس حلولا دائمية بل يؤدي الي تفاقم الاحتياجات بعد مرور الوقت بحيث تحتاج الى موارد اكبر لاستعادة توازن جديد افضل .
عبدالناصر البصري
16577 مدونة المشاركات