- صاحب المنشور: عبد الصمد بن لمو
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، برزت جدالات متزايدة حول فعالية ونوعية خدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة في البلدان العربية. رغم الجهود الحكومية المتواصلة لتحسين هذه الخدمات، إلا أن هناك العديد من الحقائق والأساطير المنتشرة حولها تستدعي التحليل النقدي. سنستعرض هنا بعضاً من هذه الأمور التي غالبا ما يتم التحدث عنها وتقييم مدى دقتها بناء على البيانات والإحصائيات المتاحة.
حقائق مهمة:
- البرامج الضوئية مقابل البرامج الصلبة: كثيرًا ما يوصف النظام الاجتماعي بأنه "برامج ضوئية"، أي أنه غير فعال أو غير قادرٍ على تحقيق تغييرات فعلية في حياة الناس بسبب القواعد البيروقراطية المعقدة والتأخير في التنفيذ. لكن هذا قد لا يعكس الصورة الكاملة دائمًا؛ فالكثير من الدول العربية شهدت توسعًا ملحوظًا في شبكات الأمان الاجتماعي خلال عقود قليلة مضت، مما أدى إلى خفض نسبة الفقر بمعدلات كبيرة مقارنة ببداية القرن العشرين. مثلا، وفقا للأمم المتحدة، انخفض معدل الفقر المدقع في الوطن العربي بنسبة تزيد عن 70% منذ عام 2002 حتى الآن.
هذه الزيادة ليست مجرد زيادة عدد الأفراد الذين يستفيدون من المساعدات المالية بل تتضمن أيضًا توسيع نطاق الاستحقاق لتشمل المزيد من الأصناف مثل التعليم والصحة والحماية من المخاطر الطبيعية وغير الطبيعية.
- الفجوة بين الأقليات والأغلبية: إحدى الشكاوى الشائعة هي عدم تكافؤ الفرص للحصول على الدعم الاجتماعي بين مختلف الطبقات والمجموعات السكانية داخل الدولة الواحدة. حيث يُعتقد بأن الأشخاص ذوي النفوذ السياسي والثراء هم الأكثر استفادة بينما ينسى البعض الآخر تمامًا. وعلى الرغم من وجود حالات فساد واستغلال لمنظومة التأمين الاجتماعي لصالح نخبة محددة، فإن أغلب الدراسات تشير إلى أن معظم المنظومات الوطنية تعمل ضمن حدود قانونية حددت شروط واضحة ومفتوحة للمواطنين المؤهلين للاستفادة منها بغض النظر عن خلفياتهم الاقتصادية أو السياسية. وفي الواقع، غالبًا ما تقدم الحكومات العربية مساعداتها بصورة مباشرة ومنظمة ومنصفة نسبياً لجميع المناطق والفئات المستهدفة.
على سبيل المثال، تعد مصر رائدة في مجال تقديم خدمات صحية مجانية لأكثر من نصف سكان البلاد عبر برنامج "التأمينية الصحية" الذي يشمل جميع المواطنين المصريين بدون تمييز.
- الموارد المالية كمحرك أساسي: صحيحٌ أن توفر المال ضروري لبناء وإدارة نظم رعاية اجتماعية قوية ولكن ذلك ليس العامل الوحيد المحرك لها كما يتصور البعض. إن اعتماد سياسات مستدامة وطويلة الأمد هو أمر حاسم أيضا وهو الأمر الذي تحتاج إليه الكثير من دول المنطقة حاليًا. فقد أصبح واضحًا أن الاعتماد الكبير على موارد بتروليه جعل اقتصادات تلك الدول عرضة للتقلبات العالمية وانكماش الأسواق العالمية وبالتالي اضطرت تلك الدول لإعادة صياغة خططها الإنمائية بما يتماشى أكثر مع واقع جديد فرضته ظروف عالمية خارجة عن سيطرة السياسيين العرب آنذاك . وهذا يعني إعادة ترتيب الأولويات والنفقات العامة باتجاه قطاعات إنتاج جديدة تساهم برفاه المجتمع عموما وليس فقط دعم موجه لمجموعة صغيرة منه . وهنا تأتي أهمية القرارات الاقتصادية طويلة الاجل والتي تعطي الاولويتان للاستثمار بالتعليم والبنية الاساسية كونها اساس النهضة الانسانية ولابديل عنهما اذا اردنا مجتمع مزدهر ومرفه منتج لعناصر لوطن حي وفاعل دورا مؤثرا ضمن المشهد الدولي الحالي والمعاصر .
أساطير شائعة:
- غياب الخطط الشمولية: يُقال أيضًا إنه لا يوجد تصور شمولي للنظام الاجتماعي مستقبلاً ولا قدرة على تقديره بحجم حاجاته ولمدى تأثير العمالة الغير رسمية مما يؤدي الي انتشار كبير للفئات الفقيرة المحتاجة للدعم لحماية نفسها ضد اخطار الحياة المختلفة سواء كانت احداث طبيعية ام انهيار سوق العمل ايضا !! وإن كان صحيح