كان الشيخ الفقيه المصري أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي شخصية علمية دقيقة في القرن السادس عشر الميلادي. ولد هذا العالم الكبير في العام 1504 ميلادية في قرية صغيرة تسمى "أبي الهيتم" والتي تقع ضمن محافظة الغربية بمصر، وهو ما جعل تاريخه يرتبط باسمها. ينتمي للسلالة العربية المشهورة بأسرة "السعديين"، الذين كانوا جزءًا من قبيلة قيس عيلان إحدى أشهر القبائل البدوية في مصر القديمة.
حصل ابن حجر الهيتمي على تعليمه المبكر في المسجد الجامع الشهير بالأزهر بالقاهرة، قبل أن يسافر لاحقًا للدعوة الدينية والثقافية عبر مناطق مختلفة من شمال أفريقيا وبلاد الشام. كان لديه اهتمام خاص بالبحث والدراسة حول التعاليم الإسلامية والفقه الشافعي، مما جعله واحداً من أهم علماء مدرسة الشافعية الحديثة. كما أنه برع في الدفاع عن العقيدة الإسلامية ضد الشبهات والممارسات غير المستندة إلى النصوص الشرعية خلال عصره.
من مؤلفاته البارزة، نجد "مجمع الزوائد" والذي يعتبر مرجعاً مهما لمجموعة واسعة من الروايات والحكايات المتنوعة. إضافة لذلك، كتب العديد من الأعمال الأخرى مثل "شرح المشكاة" و"شرح المنهاج المسمى تحفته المحتاجة بشرح المنهاج". بالإضافة إلى ذلك، ترك لنا أعمال مهمة أخرى منها "النصح للملوك" و"التطهير للجنان واللإسان من ذكر المعاويه".
كما سلط الضوء على الأدب العربي بفهمه العميق للأدب الشعبي القديم وذلك من خلال كتابة ملخص قصيدتي الشعر الشهيرتين لأبي الطيب المتنبي وأبي تمام الطائي تحت عنوان "در غمامة في درا طلاس وتعداد عمد وسؤدد". وكان أيضا معروفاً بتسامحه ودفاعه عن حقوق الإنسان، حيث تدخل لحماية الحقوق المدنية للأقليات الدينية.
توفي رحمة الله عليه سنة ١٥٦٧م بالمملكة الحرام مكة المكرمة بعد مسيرة مليئة بالإنجازات الأكاديمية والتوجيهات التعليمية التي أثرت الحياة الثقافية والإسلامية بشكل عميق آنذاك وبكل تأكيد حتى اليوم.