كان للعيش خارج حدود المدن - البداوة - تأثير عميق على المجتمع العربي قديماً وحديثاً. يتميز النمط البدوي بحياة بدائية بسيطة تعتمد بشكل أساسي على رعي المواشي مثل الأغنام والماعز كمصدر رئيسي للدخل وغذاء بطبيعته. تعكس خيام الشعر المستندة لشعر الماعز هذا النوع من المعيشة المتنقلة والتي تتوافق تمام التوافق مع البيئة الصحراوية القاسية.
بالإضافة لذلك، يلعب موقع البداوة دور محوري فيما يتعلق بتوزيع السكان؛ إذ يفضلون المناطق السهلية القاحلة في مناطق مثل شبه جزيرة العرب وأجزاء واسعة شمال أفريقيا، وهي أرض خصبة لمزارع موسمية وخضرة زائلة خلال فترة الأمطار السنوية. وبينما يعتمد هؤلاء الأشخاص أساسًا فيما يقومون عليه من نشاط يومي على تقليد تقاسم الثروة الحيوانية وصناعة الأجبان والألبان بشكل عام لصالح دعم مجتمعاتهم المحلية، يبرز الجانب الملفت للنظر بأنه غالبًا ما يكون لديهم ارتباط وثيق بالأرض بما يفوق ارتباط ذوي الطبقة الدنيا بالحضر.
على الطرف المقابل من الطيف الاجتماعي، يأتي المصطلح "الحضري"، مشتق من اللغة العربية للإشارة مباشرة إلى المدن والبلدات الصغيرة والمعروف أيضًا باسم "الرُّيف". وفي تشابه كبير، تحتضن مدن اليوم حاليًا مُكوِّناتها الذاتية والمُحيطة بمختلف المباني القديمة والحديثة، بالإضافة للجسور الرئيسية وطرق الاتصالات العملاقة مما جعلها ملاذ ملجأ لعشرات الآلاف إن لم يكن الملايين من البشر الذين هاجروا نحوها بحثًا عن فرصة عمل أفضل واستقرار اجتماعي جديد نسبيًا نظرًا للتقدم التقني الكبير داخل القطاعات الزراعية والصناعية الناشئة آنذاك.
إن لكل مكان ثقافة خاصة وعادات مختلفة مرتبطة بنظامه الاقتصادي ونمطه الثقافي الخاص. وكثيرًا ما تأتي المفاضلات والتوجهات المختلفة بناءً على طبيعة الأفراد وسلوكياتهم الشخصية تجاه كلتا صورتين الحياة المختلفتين إحداهما: الترحال والآخر راسخ القدم والثابت سواء باتجاه العمل والسعي لتحقيق المزيد أم غير ذلك. وهذه إحدى عجائب القدر حيث يمكن لأناس مختلفين التعايش جنباً الى جنب ضمن نفس المساحة ولكن بجداول أعمال متفاوتة للغاية! وهذا بالتأكيد أحد أهم تساؤلات البحث العلمي الحالي حول كيفية توافق الاختلاف بينما نعبر عصر الانقلاب الإعلامي العالمي حديث الظهور والذي أصبح فيه التواصل سهلاً ومعقداً بلا حدود فعلية تذكر.