بينما ننظر إلى السماء ونرى تلك القطع الحديدية الصغيرة تتهادى بشكل مهيب، قد يتساءل البعض عن السر وراء هذه القدرة الرائعة - التحليق في الفضاء المفتوح. دعونا ندلف معًا إلى قلب العمليات الفيزيائية المعقدة التي تسمح للطائرات بتخطي الأرض والتجول عاليًا في الهواء.

يعود الفضل الأكبر في اكتشاف كيفية قيام الطائرات بهذا العمل الخارق إلى العالم الشهير دانييل بيرنولي. يشرح البرونيلي عام 1738 قانونه المتعلق بالعلاقة بين سرعت الهواء وضغطه. وفقًا لهذه النظرية، يتباطأ ضغط الهواء عند زيادة سرعته. يستغل تصميم جناحي الطائرة هذه الخاصية بدقة فائقة. يتميز شكل الجناح بأنه منحدر نحو الأعلى مما يؤدي لإجبار الهواء على المرور عليه بوتيرة أسرع بكثير بالمقارنة مع الجانب السفلي للجناح. وبذلك تنخفض كثافة الهواء فوق الجناح بينما ترتفع الموجودة أدناه بفعل قاعدة "بيرنولي". وبهذه الطريقة، يخلق الفرق الكبير في الضغط قوة دفع عمودية تؤدي لرفع جسم الطائرة للأعلى.

يتطلب التحكم الدقيق في حركة الطائرة تعاون العديد من التقنيات المتطورة بما فيهاظمة الإلكترونية، والأجهزة الميكانيكية، والدوائر الهيدروليكية. يقوم الطيار باستخدام أدوات متعددة لتحريك زعانف توجيهية مختلفة لاتجاه وهبوط وحركة الطائرة بحكمة شديدة. ومن ثم أصبح بالإمكان الآن القيام برحلات طويلة المدى عبر مساحات شاسعة بشكل يعكس مدى تقدّم العلم والتكنولوجيا البشرية.

إن ثورة النقل الحديثة لم تشهد فقط تطور أنواع جديدة من وسائل المواصلات بل أيضا توسعا هائلا في الإمكانيات المتاحة لكل منها. فالطريق بريا، والبحر، والجوي ملأت جميعها احتياجات مختلف جوانب حياة المجتمع الإنساني اليومي. وعلى وجه الخصوص، حظيت خدمات النقل الجوي بإقبال كبير نظرا لقيمتها المضاعفة سواء بالنسبة لشحن البضائع أو توصيل الأشخاص لمسافات بعيدة دون استغراق وقت طويل نسبياً مقارنة بوسائل أخرى كانت مستخدمة سابقًا قبل عصر الطيران التجاري العالمي الحالي. لقد أثر اختراع وسيلة انتقال فعالة جدا كهذه تأثيرات اقتصادية واجتماعية مهمة للغاية إذ سهلت إجراء أعمال تجارية دولية ومبادلات ثقافية وعلمية مفتوحة أمام الجميع بغض النظر عن موقع وجود أي شخص منهم حول كوكب الأرض الواسع المنصهر اجتماعياً واقتصادياً بشكل غير مسبوق تاريخيا حتى يوم الناس هذا.

تجسد قدرة الإنسان على ابتكار حلول هندسية مبتكرة توافق قوانين الطبيعة بكامل جوهرها روح ابداعات صنع اليد العاملة البشرية الغنية بالتجارب والعلم والمعرفة المستمدة عبر قرون عدة مضت لنصل لما نحن فيه حاليًا وهو عصر الطيران الثوري حقاً !