في جمهورية السودان، تعد احتفالات عيد الفطر وعيد الأضحى جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية والثقافية للشعب السوداني. هذه الاحتفالات ليست مجرد مناسبات دينية فحسب، بل هي أيضًا رموز للتضامن الاجتماعي والترابط الثقافي بين أفراد المجتمع. يمتد الترحيب بالعيد إلى كل ركن من أركان البلاد، بدءًا من المناطق الحضرية وحتى القرى النائية.
يتميز شهر رمضان المبارك بصوم شمسي يومي ينتهي عند رؤية هلال شوال، مما يشير إلى بداية عيد الفطر. بعد أيام الصيام الطويلة، يأتي الفرح لإدخال الفرحة إلى قلوب المسلمين. تبدأ الاستعدادات للفرحة مسبقاً بإزالة الديون قدر الإمكان وتقديم الصدقات والأعمال الخيرية لفقراء المجتمع. هذا العمل الخيري يُعرف باسم "زكاة الفطر"، وهو واجب شرعي يُعدّ آخر الواجبات خلال الشهر الكريم.
تبدأ فعاليات عيد الفطر بحضور الناس للمساجد لأداء صلاة العيد التي تُقام صباح اليوم الأول من العيد. وبعد انتهاء الصلاة، يدندن الجميع بالأهازيج الشعبية ويتبادلون التهنئة والتبريكات بعبارة "كل عام وأنتم بخير". ثم يعودون إلى منازلهم حاملين معهم طعام الإفطار الخاص بيوم العيد والذي عادة ما يكون مصنوعًا من شعير مطبوخ بسمن وزبيب يعرف محليا بـ"الشعيرية".
أما بالنسبة لعيد الأضحى، فهو مرتبط بذبح الأضحية حسب استطاعة الشخص، وهي تقليد مقدس يؤكد الرحمة والعطاء في الإسلام. بعد الانتهاء من ذبح الأضحية، يتم توزيع لحمها على الأقارب والجيران والمعارف الفقراء والمحتاجين، وذلك تعزيزا للقيم الإنسانية والإيثار المتوارثة عبر التاريخ.
بالإضافة لذلك، تحتفل النساء خلال فترة العيد بتحضير مجموعة متنوعة من الأطعمة التقليدية مثل "الصمينة" و"الكُشاري". كما أنهن يستخدمن الزي النسائي التقليدي المعروف بـ"الجلباب الأبيض"، والذي زينت بعض نسائه بالمجوهرات والخيوط الملونة كجزء من روح العيد البهيجة.
وفي الليل، تتجمع العائلات حول النار حيث يجتمع الجيران وأفراد القرية لتبادل القصص والاستماع للحكايات القديمة ومشاهدة الرقصات الفلكلورية المحلية والتي تشمل رقصة الكركار ورقصة أبو سنبل الشهيرة بالسودان والتي تمثل تراث المنطقة بشكل حيوي وملون.
بهذه الطريقة، يظل الاحتفال بالعيديْن في السودان مرآة للعادات والتقاليد الغنية المرتبطة بالإسلام والانسجام الاجتماعي بين أهل البلد الواحد بغض النظر عن خلفياتهم ومعتقداتهم المختلفة داخل نطاق التسامح واحترام الآخر.
