- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
تواجه المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين مجموعة معقدة من التحديات التي تتطلب حلولاً مستدامة ومتكاملة. إن هذه الأزمة الإنسانية المتواصلة لم تؤثر على البلدان المستقبلة فحسب، بل خلقت أيضاً آثارًا بعيدة المدى على الأفراد والمجتمعات المعنية. يشكل اندماج اللاجئين في المجتمع الجديد عاملاً حاسماً لاستقرارهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يتجاوز مجرد توفير المسكن والحماية الأولية.
في البداية، يعاني اللاجئون من صدمة ثقافية ونفسية نتيجة الانتقال المفاجئ إلى بيئة جديدة تماماً. يجد الكثير منهم صعوبة كبيرة في التعامل مع الثقافة الجديدة والعادات والتقاليد والقوانين المختلفة. يؤدي هذا الجدار العاطفي والثقافي غالباً إلى شعور بالعزلة والشعور بفقدان الهوية الذاتية، خاصة بين الشباب والأطفال الذين قد ينفصلون عن شبكات دعمهم التقليدية وعلاقاتهم الاجتماعية الراسخة. لذلك، هناك حاجة ماسة لتقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة هؤلاء الأفراد على التأقلم بشكل أكثر كفاءة.
وبالإضافة إلى المخاوف النفسية، تواجه النساء بشكل خاص تحديات فريدة عند انتقالهن ضمن مجتمع جديد مختلف تمام الاختلاف عما اعتدن عليه سابقاً. حيث تمثّل تغييرات وضع المرأة داخل البلد الأصلي لها عادةً جزء كبير من الصدمة الناجمة عن التجربة برمتها. كما تساهم حرمانها المعتاد من الفرص التعليمية أو الاقتصادية بتضخيم الشعور بالتهميش وانعدام القيمة الشخصية لدى العديد منها. وبالتالي، تعد إعادة تأهيل وتعليم وتمكين النساء عبر برامج تدريبية متخصصة أمراً ضرورياً لتحقيق نهضة اجتماعية شاملة وفعالة.
كما يجدر بنا هنا الحديث حول قضية الوصول إلى فرص العمل المناسبة لكلا الجنسين. إذ تشكّل البطالة أحد أكبر العقبات أمام إدماج اللاجئين بسلاسة ضمن المجتمعات المحلية وأنظمته الاقتصادية. فاللوائح القانونية الحالية المتعلقة بحقوق العمالة للأجانب غالباً ما تكون قاصرة وغير مناسبة لحالات الطوارئ الاستثنائية مثل تلك التي نشأت بسبب الحرب الأهلية السورية وما صاحبها من هجرة جماعية خارج البلاد. ومن ثم، توفر تخفيف القيود التشريعية المؤقتة وتحسين ظروف الحصول على تصاريح عمل مؤقتة فرصة أفضل للاحتفاظ بقوت اليوم وضمان استقلاليتهم المالية بغض النظر عن الوضع الدائم لهويّتهم كمقيمين دائمين بموجب القانون الخاص بذلك البلد المستضيف لهم.
وفي حين نركز اهتمامنا الأكبر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي للفرد نفسه فيما يتعلق بالحصول على موارد الرزق اللازمة لبقاء حياته اليومية مستقرة نسبياً - فإن الأمر ليس كذلك إلا عندما يتم النظر للموضوع برمته بنظرة شمولية تشمل أيضا الجانب المرتبط بإدماجهم داخل مجتمعاتهم الجديدة ومشاركة أفكارهم وثقافتهم الغنية والتي ستكون مفيدة بلا شك لكل طرف مشارك بالأمر تقارب وجهات نظر بعضهما البعض وفهم خلفيات كل فرد الأخرى لينشأ بالتالي روابط تعاون صادق وخالص مبني أساسا علي الاحترام المتبادل المبني على أرض واقعة وهي فهم واحترام طبيعة الآخر المختلف عنه بطبيعته الخاصة بهذه الطريقة يمكن بناء جسور التواصل الثابت والمعرفي الفعال الذي يقضي بأخذ صورة واضحة لما هو مطلوب فعليا لإنجاح عملية الترحيب بهم باعتبارهم أعضاء جدداً أصيلون لهذه الدولة الواحدة الكبرى والتي اصبحوها الآن وطن ثانٍ بعد ان فقدت سوريا الأصل مكانتها الآمنة لديهم سابقا...
هذا الجدل يدفعنا للتساؤل: كيف يمكن بلورة سياسات عامة تدعم اندماج اللاجئين السوريين بفاعلية؟ تبدو الإجابة موجودة بالفعل في السياسات الأوروب
عبدالناصر البصري
16577 مدونة المشاركات