في مدينة قسنطينة الجميلة، يعتبر شهر رمضان أجواء خاصة تعزز الروابط العائلية والاجتماعية بين سكانها. فقبل حلول هلال الشهر الكريم، تغمر تحضيرات مضنية المنزل بالفرح والألفة. تتمثل هذه التحضيرات في طلاء المنازل وزينتها بفوانيس ومصابيح ملونة تشي بالروحانيات المرتبطة بهذا الشهر المبارك. كما يقوم المسلمون بتنظيف بيوتهم وتعقيمها وتمهيد الأرضيات لاستقبال ضيوف الرحمن الذين سيحلّون عليهم خلال أيام هذا الشهر الفضيل.
خلال فترة النهار، تكثر النشاطات داخل المطابخ حيث تُعدّ أشهى الأطباق التقليدية مثل "الشخشوخة" و"الطاجين". يتم إعداد الطعام باحترافية وبنفس حماس كبير بهدف الاستمتاع بإفطار شهي بعد يوم طويل من الصيام والصبر. وغالبًا ما يتم مشاركة هذه الأطعمة الغنية بالنكهة والدسم مع أقارب وجيران مما يعكس روح الأخوة والتراحم التي تتجلى بشكل خاص أثناء شهر الرحمة والغفران.
ولا يمكن فصل جمال ليالي رمضان بالقسنطينة عن جو الصلاة العام الذي يملأ ساحات المساجد في جميع أنحاء المدينة. تجمع صلاة التراويح المسلمين بمختلف أعمارهم جنبًا إلى جنب لتقديم عبادة مشتركة توحد قلوب المؤمنين وتزيد إيمانهم بالحضور الرباني في كل لحظة. وفي نهاية الشهر، وفي توقيتٍ يعتقد أنه يحمل أفضل الأعمال عند الله تعالى -أي ليلة القدر-، يستيقظ أهل القسنطينة مبكرًا ويستغلون وقت الليل لإقامة دعوات صادقة وصلوات متتابعة تقديسا لهذه الليلة المقدسة. يبقى الجميع مستيقظين لساعات طويلة وهم يشعرون بأن قلوبهم قد امتلأت بالإيمان والإخلاص لله عز وجل. تحتشد شوارع وشوارع أخرى بالسكان لمشاركة الفرحة والاستمتاع بنفحات البركة التي تسري عبر كافة زوايا مدينتهم العزيزة خلال تلك اللحظات الخالدة.
بهذه الطرق المتنوعة، تستعيد مدينة قسنطينة رونقها الخاص بها في رمضان، فتزداد فيها روابط المحبة والمودة بين أفراد المجتمع الواحد وسط انسجام رائع يجسد التعايش الإسلامي الحقيقي.