في مطلع القرن العشرين، برزت إحدى أكبر وأبرز مُبتكرات الهندسة البحرية آنذاك: سفينة "تايتانيك"، العملاق البحري الضخم الذي كان يرمز للأمان والقوة. بنيت هذه السفينة الرائعة بين عامي ١٩٠٩ و١٩١٢ بواسطة حوض هارلاند آند وولف لبناء السفن في بلفاست بإنجلترا، وكان يُشار إليها أحياناً باسم "سفينة لا تغرق". استقطبت أعمال التشييد أكثر المهندسين خبرة وتوظيف تقنيات عصره، مما جعل منها تحفة فنية هندسية وحديثة من نواح عدة - بما فيها تزويدها بتجهيزات سلامة متقدمة حين ذاك والتي تشمل ثلاث مداخن تستعمل كمنافذ هوائية عند الكوارث إضافة لأربعة مراوح دائرية ومنصات عرض خارجية ساحرة.
ظلت مساحة السفينة الهائلة تضاهي ارتفاع مباني إمباير ستيت الشهيرة وتمثل تحدياً معرفياً لعصرها بكل المقاييس، حيث تتسع لما يقارب 3,500 شخص بمختلف الدرجات الاجتماعية بالإضافة لمساحاتها التجارية الخاصة بالحاجيات والمواد الغذائية والمعدات الثقيلة الأخرى ذات الأحجام الزائدة عن الحد المعتاد لمعظم شحنات عصرها ذلك الوقت. حتى أنها تجاوزت حاجتها الطبيعية لاستخدام الوقود المدفوع بفائدته الاقتصادي حيث تنفق حوالي ٨٢٥ طناً منه يومياً! ولكن رغم كل هذا التطور والتقدم التصميمي والفني، توضح واقعة وفاة نحو ١٥٠٠راكب ومازال هناك غموض حول ظروف مصرع معظم الركاب المنقطعين منذ اللحظة الأولى لرؤية جبل جليدي عابر أمام طريقها ليحدث اصطدام مهول بجانب مقدمتها الغربي نتجة لهما تأثر الشكل الخارجي للسفينة مباشرة وإنهاء حياة حوالي ٢٤٠0شخص جميعًا خلال ساعات قليلة قبل حلول الظلام بشكل نهائي قبيل منتصف الليل ثم تعمق الأمر لاحقًا عندما تسبب وزن جسم السفينة المتزايد بقطع خطوط الطفو الرئيسية لتسحب تدريجيًا إلى الأعماق الداجية تاركة خلفها دروس مرعبة لحاجة البشر باستمرار التنبه لقوة الأمواج القاسية والكشف المبكر للعوامل البيئية الخطرة أثناء عمليات نقل الأفراد والبضائع الآمنة والبقاء دائماً مستعديين للاستجابة للحالات الاستثنائية التلقائية واحتمالات التعامل غير المنتظر مع حالات عدم القدرة على التحكم بالقوى الطبيعية الخارجية .