يمر المراهق بتحول نفسي وجسدي كبير يؤثر بشكل عميق على حياته اليومية وعلاقاته الاجتماعية. هذا التحول المعروف باسم "النضج الوجداني" يتميز بمجموعة من المظاهر التي تتطلب فهم ودعم خاصين من قبل أولياء الأمور والمعلمين. سنتطرق هنا إلى بعض هذه المظاهر الرئيسية وكيف يمكن التعامل معها بطريقة صحية.
الانفعالات القوية وردود الفعل الزائدة
تشهد سنوات المراهقة تغيرات هرمونية تؤدي غالبًا إلى ارتفاع مستويات الغضب والعصبية لدى الشباب. قد تبدو ردود فعلهم زائدة بسبب جهلهم بكيفية تنظيم مشاعرهم الجديدة. بدلاً من تجاهل تلك الانفعالات، ينبغي تشجيعهم على التعبير عنها بطريقة صحية مثل الكتابة أو الرياضة أو الحديث المفتوح مع شخص ثقة.
عدم استقرار التصرفات والسلوكية
من الطبيعي رؤية اتزان غير ثابت في سلوكيات المراهق؛ فهو يحاول التنقل بين دوره السابق كطفل ودوره المستقبلي كشخص بالغ. لكن، يمكن تعزيز هذا الاتزان عبر وضع حدود واضحة وتوفير بيئة داعمة تشجع التفكير الناضج والحوار البنّاء حول القرارات المصيرية.
فقدان الثقة بالنفس
التغيرات الجسدية التي تحدث أثناء فترة المراهقة - سواء كانت زيادة الوزن أو نمو الشعر أو ظهور حب الشباب وغيرها - قد تخلق شعورا بالاختلال وفقدان الثقة بالنفس. وفي الوقت نفسه، فإن التركيز على القدرات الداخلية والقيم الشخصية يشجع تقديرا ذاتيا أقوى وثقة أكبر في الذات رغم اختلاف المظهر الخارجي.
أحلام اليقظة وانشغال الذهن
خيال المراهق الواسع وغزارة أفكاره يمكن أن يصرفه عن واجباته الأكاديمية وجهوده اليومية. ومع ذلك، فإنه بالإمكان توجيه هذه الطاقة نحو تحقيق أهداف مفيدة واستثمار وقت فراغه بشكل منتج. يمكن استخدام الوسائل الإبداعية كالكتابة والإخراج الفني لتسخير طاقة الخيال السلبية وتحويلها لحلول بناءة.
الرغبة الملحة للحب والانتماء
يشعر المراهق بالحاجة الشديدة للتواصل الإنساني والحصول على المحبة والتأكيد الاجتماعي. إنشاء شبكة اجتماعية قوية مبنية على الاحترام المتبادل يدعم نضجه العقلي ويعزز سعادته. مشاركة تجارب الحياة وخوض المناقشات المثمرة مع الأصدقاء المقربين يساعد أيضا في ترسيخ الشعور بالأمان والثقة بالنفس داخل مجموعة متماسكة ومتفاعلة.
مقاومة السلطوية والتمرد عليها
يتميز العديد من المراهقين برفض المؤسسات الرسمية مثل الدولة والمدرسة والعائلة إذا رأوا فيها تهديدا لاستقلاليتهم المكتشفة حديثا. ويجب إدراك أن هذا ليس تحديا مباشرا لكل السلطات وإنما نوع من البحث الطوعي عن الهوية والاستقلال الشخصي ضمن حدود الأخلاق والقانون العام وليس ضدها.
إن تبني نهج تحفيزي واحترازي لفهم واحتضان طبيعة مراحل النمو لدى الشباب يعد مفتاح نجاح تربيتنا لهم وتقديم الدعم اللازم لتحقيق سلام نفسهم وصحة عقلهم بشكل جيد.