إن مشكلة البطالة بين الشباب تشكل هاجسًا عالميًا كبيرًا نظرًا للتبعات الخطيرة التي تثقل كاهلهم. تؤثر حالات انعدام العمل بشدة ليس فقط عليهم شخصيًا ولكن أيضًا على مجتمعاتهم وأوطانهم بطرق متعددة وعواقب وخيمة. سنتناول فيما يلي بعض التأثيرات الرئيسية لهذه الأزمة الوجودية بالنسبة للشباب الذين يعانون منها:
الصحة الجسدية والعقلية تحت ضغط البطالة
من الطبيعي أن ينتاب الشباب شعور بعدم اليقين والقلق عندما يفقدون وظائفهم؛ ومع ذلك فإن هذه المشاعر يمكن أن تنمو وتتحول لمستويات مرضية خطيرة إذا طالت فترة البقاء بلا عمل لفترة طويلة. أثبتت الدراسات العلمية ارتباط ارتفاع نسب البطالة بموجات الانتشار المرضي مثل الاكتئاب واضطرابات القلق والاضطراب ثنائي القطب وغيرها الكثير. بالإضافة لذلك فإن زيادة التعرض للإجهاد البيئي ذاته نتيجة غياب الاستقرار المعيشي سيصاحبه بالتأكيد تأزم الوضع الصحي العام بما فيه أمراض القلب والأوعية الدموية وضعف الجهاز المناعي. وقد لاحظ خبراء الصحة النفسية تناسبًا مباشرًا بين نسبة المستويات المنخفضة للعمر عند بداية تلقي العلاج النفسي وبين كون سبب الحالة كان مرتبط إما بفقدان الوظيفة نفسها وإما بتوقعات مواجهة تلك العقبة في حياته العملية قريبًا.
الانعزال الاجتماعي وجه آخر للكارثة
كما تعد الزيادة المضطردة لحالات عزلة اجتماعية لدى الشباب أحد أهم تداعيات ظاهرة البطالة المؤلمة لهم وللمحيط الخارجي أيضًَا. فعند فقدان القدرات المالية والحافز المادي لبذل جهود لإحداث تغيير ما ولو بسيط داخل دائرة الاهتمام الشخصية تبدأ الروابط الإنسانية بالتلاشي رويدًا رويدًا حتى تصبح غير موجودة بالفعل إلا حين الضرورة القصوى لقضاء حاجة ماسة أو متعلقات ضرورية أخرى ذات مقابل نقدي محدد. وهذا بدوره يشجع على نشر السلوك العدواني وفق مفاهيم المغالاة في الفكر العنفي وهو الأمر الذي نشهد له العديد من المواقف الواقعية المرعبة خلال السنوات الأخيرة خاصة عقب اندلاع جائحة كورونا العالمية والتي أدت مباشرة لتدهور الاقتصاد العالمي وساهم ظهور تطبيقه العملي المقنع -على الرغم منه- بإعادة طرح مجدداً مسألة تفاقم معدل البطالة بنسبة كبيرة للغاية .
تحذيرات من المزيد من هجر الوطن ومشاكله الداخلية والخارجية
وبالنظر للحلول الأكثر شيوعًا أمام هؤلاء المحكوم عليهم بالفقر والإقصاء السياسي والمجتمعي نجد تبني خيار الرحيل بحثًا عن ملجأ آمن خارج حدود وطنهم الأصلية ضمن قائمة أولى أولويات القرار المصيري المرتكز أساسه هذه اللحظة الحرجة تحديدًا وهذه علامة أكيدة لنكسة حضارية صادمة تعكس رغبتهم الملحة برحيل أحسن حالا عوض انتظار حلول منطقية علمانية تستهدف تقدم البلاد وانتظام سير عملية تكامل عضوي طبيعي يسير دائمًا باتجاه واحد هو صالح الشعب الأعظم وليس طبقًا لرؤية نخبوية مغرضة تسعى عبر سياساتها لتحقيق مكاسب شخصية قصيرة النظر قصيرة العمر أيضا بالمناسبة! إنها حقائق مريرة لكنها ضرورية لصناعة نهضة جديدة مبنية على أسس صلبة ترتكز فيها جميع الطبقات المختلفة دون استبعاد طرف ضد الآخر بل بالعكس تمامالعكس إذ ستكون هناك منافسة أخلاقية مجردة لإظهار الذات والحصول حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والثقافية المحمية دوليًا قبل كل شيئ وحسب نظام دستوري حر وديمقراطي واضح المعالم والقواعد التنفيذيه للجهات المسؤولة بغض النظر إن كانت ملكية أو جمهورية فالكل سواء أمام القانون وإن اختلفت طرق التطبيق حسب نوع النظام المفروض قانونيًا داخليا لكل دولة مستقلة بذاتها وهذا أمر جيد لأنه يحترم الاختلاف الثقافي الكبير بين الشعوب المختلفة ويعالج قضاياهم الخاصة بهم بكل حرفيه وشرف واستقامة وتعاطي إنساني حيادي بشكل شامل وعميق التأثير والفائدة العامة المنتشرة بيئيا وثراثيا وجنسيّا زمانيا وحديثا حاليا وما مستقبلا أيضااا!