في روائع علم تفسير الأحلام لدى العلماء القدامى مثل ابن سيرين والنابلسي وابن غنام وابن شاهين، يتم التعامل مع رمز "البكاء" بعدة وجهات نظر وتأويلات تتعلق بالحالة العاطفية للشخص ومستقبله.
يشير النابلسي إلى أن البكاء المفعم بالعاطفة تجاه آثار أو معرف شخص متوفي يمكن أن يكون علامة على زيادة الإيمان وطول العمر. أما بالنسبة للدمع في الحلم، فقد يعني الفرح إن كان باردًا، بينما يشير الطابع الحار للدمع إلى ضيقٍ وحزن.
ويوضح ابن سيرين أن دمع العين البارد يعد بشرى بالفرح والسعادة، لكن الدمع الحار يُنبئ بالألم والحرمان. وفسر أيضًا وجود دمعتين يدوران في العين بأنها قيمة مادية مخفية سيجد صاحب الرؤية نفسه مضطراً لإظهارها رغم رغبته بتجنب ذلك بسبب فضحه أمام الآخرين.
ويربط ابن غنام بين البكاء وخوف الله، موضحاً أنه مؤشر النجاة من نار جهنم وفقاً للتراث القرآني الكريم. وبالمثل، فإنه يعتبر انسكاب الدمع المتدفق من القلب نتيجة للحزن المحتمَل تأويلًا لنفقات يُقبل عليها الإنسان بنفس راضية. وفي المقابل، يرتبط الدمع الجاف بحصول مال حلال بشروط خاصة وهي صدقية هذا المال وصلاح حال صاحبه واستقامته الدينية.
وتقدم لنا تفسيرات أخرى لحالات مختلفة كالدموع التي تسيل عبر الوجه والتي توحي بإلحاق ضرر بالنسب أو سمعة الشخص. ودخول دموع العين اليمنى للعين اليسرى هي زواج إبن بنت والعكس صحيح. ونذر الآيات القرآنية التالية لتأكيد ارتباط هذه التأويلات بالسلوك الإنساني والإيماني: "وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا"، مما يوحي بأن حالات الألم الشديد المرتبطة بالإثم والمعاصي ستكون جزءاً أساسياً مما تعانيه النفوس الفاسقة هناك داخل النار!
أما بشأن ترتيبات الجمع بين الغرائب والتناقضات داخل عالم الاحلام المرئي فنجده واضح بجلاء ضمن مواقف حساسة ذات أبعاد روحانية عميقة للغاية... إنها رسائل مباشرة مفادها دعوة للاستقامة والاستعداد ليوم القيامة وعواقب الأعمال الشريرة وغير الصالحة تحت ظل الرحمة الربانية الواسعة!
