العنف المدرسي ظاهرة حديثة ومقلقة للغاية تصيب الأوساط التعليمية وتلقي بظلالها القاتمة على مستقبل الناشئة. يعتبر الطفل في مرحلة الدراسة فترة حساسة للنمو والتطور الاجتماعي والفكري؛ لذا فإن تعرضهم لمثل تلك الظروف يمكن أن يؤثر بشكل كبير وبأشكال مختلفة عليه وعلى صحته النفسية والعاطفية بالمجمل. يتمحور هذا المقال حول تسليط الضوء على الآثار البالغة الخطورة للعنف داخل البيئة المدرسية وكيف تؤثر سلباً على نمو الصغار روحانياً وسلوكياً وعقلياً.
يعد العنف المدرسي شكلاً غير مقبول ومؤذي للاختلاف بين الطلاب سواء كان ذلك لفظياً أو بدنياً أو حتى عبر وسائل تقنية متقدمة كالشبكات الاجتماعية مما يساهم بازدياد حالات القلق والاكتئاب عند الشباب والشابات. بالإضافة لذلك قد يشجع مثل هذه التصرفات العدوانية تنامي المشاعر العنيفة لدى البعض منهم وقد تتطور لديهم أمراض نفسية وذهانية مع مرور الوقت إذا تركت دون علاج ملائم ودعم كافٍ. بالتالي, ليس فقط ضحية الحادث هي المتضرر بل أيضا المجتمع برمته لما ينتج عنه من خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة ناجمة عن فقدان القدرة الإنتاجية بسبب ارتفاع نسب التسرب المبكر من المدارس نتيجة الخوف والتوتر المصاحب لهذه التجارب المؤلمة. كما أنها تدفع هؤلاء الأفراد إلى الانزواء والميل نحو التفكير السلبي والحمائية الزائدة تجاه الذات والتي بدورها تشكل عقبة أمام اندماجهم المستقبلي ضمن محيط اجتماعي طبيعي وسليم.
كما أنه يُلاحظ ارتباط وثيق بين مستوى التعرض للعنف المدرسي وضعف تحصيل الطالب الأكاديمي وصعوباته في مجالات العملية التعلم المختلفة نظرًا لصعوبة التركيز والاستيعاب المناسب للمعلومات تحت تأثير بيئة مليئة بالخوف وعدم الاستقرار العقلي والمعنوي للتلاميذ. علاوة علي ما سبق ذكره، فان العلاقات الشخصية تبدوا مصابة بالإضرار أيضاً أثناء وجود أحدهم عرضه لحوادث مشابه لمن هم أصغر سن وأكثر هشاشة عاطفتي ونفسيا. وهذا غالبا يقود إلي ظهور علامات واضحة للإدمان والكراهيه والخروج عن حدود القانون والنظام المنتظم للحياة الطبيعية نتيجة الشعور بالعجز وانعدام الأمن والأمان وسط محيط دراسته الخاص بهم والذي كان من المفترض أن يحمي ويقدم لهم الدعم والتشجيع لتحقيق طموحاتهم وليس العكس!
وفي ختام الأمر فإن الوقاية خيرٌ من العلاج، ولذلك وجبت الاهتمام بموضوع "العِنف" كمصدر خطير لاحتمالية نشأة جيوش جديدة من الأشخاص المرضى نفسيّا وغير قادرين على المساهمة الفاعلة والبناء مجتمعيًا واقتصاديًا بما يكفل له حياة كريمة وآمنة مستقرة وحرة قدر المستطاع بدون مكائد الحياة اليومية المضطربة حالياً.. إن الجهد الجماعي لإحداث تغييرات عميقة وغرس قيم الاحترام والتسامح واحتضان مهارات حل الصراعات بطرق بناءة سيحدو بنا جميعا باتجاه عالم أكثر سلامة لكل الاطفال الذين يستحقون حق الرعاية والدعم اللازم ليندمجوا ويتفاعلوا سويا بكفاءة عالية لبناء حاضر مشرق ومستقبل مزدهر ومشرق بإذن الله تعالى للعالم العربي والإسلامي والعالم كله أيضًا!!!