- صاحب المنشور: نرجس اللمتوني
ملخص النقاش:
لقد كانت القيادة دائماً جانبًا حاسمًا في أي مؤسسة. ولكن مع تطور بيئات العمل وتزايد التعقيد التنظيمي، لم يعد كافيًا الاعتماد على المهارات التقليدية مثل اتخاذ القرار الجيد والقدرة على الابتكار والتواصل الفعال وحدها. اليوم، يعتبر الذكاء العاطفي أحد أهم الأصول التي يجب أن تمتلكها قادة المستقبل للتعامل مع مجموعة متنامية ومتنوعة من المواهب البشرية.
الذكاء العاطفي، كما عرّفه دانييل جولمان، يشمل القدرة على إدراك المشاعر الخاصة بالآخرين واستخدام تلك المعرفة بكفاءة لتوجيه الأفراد والعلاقات وتشجيع جهود الفريق نحو تحقيق أهداف مشتركة. هذا النوع من الذكاء يتخطى الحدود الشائعة بين مهارات التواصل والمشاركة العميقة مع أعضاء فريق العمل؛ فهو يسمح للقائد بفهم احتياجات كل فرد وفهم كيفية تقوية الروابط الاجتماعية داخل المنظمة وكيف يمكن حفظ هذه العلاقات الحيوية.
عندما يتم تطبيق الذكاء العاطفي بشكل فعال ضمن بيئة عمل، تتغير العديد من الأشياء. أولاً، يعزز الشعور العام بالألفة والثقة بين الأعضاء مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية. عندما يشعر الناس بأن مشاعرهم ومخاوفهم تُفَهم، فإن ذلك يدفعهم لإظهار أفضل ما لديهم ويجعل البيئة أكثر راحة وإنتاجية. ثانياً، يساعد الذكاء العاطفي أيضاً في إدارة المنازعات والصراعات داخلياً بطريقة صحية وبناءة. يمكن لقادة ذوي ذكاء عاطفي عالي حل الخلافات بسرعة وأقل ضرراً، حيث يعملون على تفادي الصدامات الشخصية وتحويل التركيز نحو المشكلة نفسها.
ثالثاً، يساهم الذكاء العاطفي في بناء ثقافة تنظيمية أكثر جاذبية وقدرة على الاحتفاظ بالمواهب. الأشخاص الذين يشعرون بالتقدير واحترام الذات غالبًا ما يكونون أكثر تفاعلاً وتفاعلاً مع زملائهم ومؤسستهم الكبرى. فهم أقل عرضة للاستقالة أو البحث عن وظائف أخرى خارج الشركة، لأنهم يعرفون أن قيمتهم كأفراد محترمون ومنظروا إليهم باعتبارهم جزء مهم من منظومة أكبر وأن مساهماتهم موضع تقدير وعناية.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه رغم أن تطوير الذكاء العاطفي قد يبدو أمراً شخصياً للغاية وقد ينظر إليه البعض بأنه مجرد "مهارة ناعمة"، إلا أنه أصبح الآن موضوع بحث وجدول أعمال رسمي للشركات الحديثة - وهو ليس مفاجئاً بالنظر إلى الآثار الاقتصادية الواضحة لوجود قوة عاملة سعيدة ومرنة وقادرة على التحمل والإنجاز.
بشكل عام، يلعب الذكاء العاطفي دوراً مركزياً في تعزيز أداء الأعمال ونموها وتعزيز رضا الموظفين وفي النهاية خلق مكان عمل ديناميكي ومتماسك تحت مظلة واحدة. إن الاعتراف به وتطويره ضمن استراتيجيات الإدارة والقوى العاملة سيضمن استمرار المؤسسات في البقاء قادرة على الاستجابة للتغيرات المتلاحقة في عالم الأعمال المعاصر بالإضافة للإعداد للمستقبل الذي يأتي بخطوات مدروسة مدعومة بأفضل ما لدى الإنسان من مواهب ذهنية وجسدية - وهي الرحمة والحكمة والفطنة الجمعية لفريق واحد متحد تحت سقف واحد مُرتبط بشغف بحلم مشترك يُسمى الريادة الناجحة!