تتجلّى العلاقة الوثيقة بين التربية والديمقراطية في كون التربية شرطًا أساسيًا لبقاء الديمقراطية وازدهارها. فالتعليم يلعب دورًا محوريًا في تعزيز القيم الديمقراطية مثل الحرية، والعدالة، والمساواة، والأخوة، والكرامة، والتعاون، والمسؤولية. إن دمج هذه القيم في العملية التربوية يجعل منها أداة فعالة في بناء مجتمع ديمقراطي قوي.
تتفرع هذه العلاقة إلى بعدين رئيسيين: الأول يتعلق بتبني المعرفة والوعي بالديمقراطية وحقوق الإنسان. وهذا البعد يشدد على أهمية زيادة الوعي من خلال نقل المعلومات وتوضيحها، مما يتطلب مراجعة شاملة للعلاقة بين الدولة والمؤسسات التربوية والتعليمية والحكومة التابعة لها. فالمؤسسات التعليمية ليست مستقلة عن أيديولوجية الدولة، بل هي في علاقة وسطية بين الدولة والحكومة، وبالتالي فإن دورها في توصيل المعرفة والوعي بالديمقراطية أمر بالغ الأهمية.
البعد الثاني للعلاقة بين الديمقراطية والتربية يتعلق بانعكاس المعرفة والوعي المكتسبين على السلوكيات البشرية والحياة الواقعية. يمكن ملاحظة هذا البعد على المستوى الجزئي، حيث يتضمن العلاقة بين الطلاب والمعلمين، وظروف الديمقراطية، وخصائص البيئة التربوية.
أهداف التربية الديمقراطية عديدة وفوائدها جليّة. فهي تساعد الفرد على فهم حقوقه وواجباته، وتنمي لديه مشاعر الأخوة مع الآخرين وتقدير وجهات نظرهم. كما تساهم في إنجاح عملية الديمقراطية واستمراريتها، وتنمي الكرامة والشعور بالقيمة الذاتية. بالإضافة إلى ذلك، تساعد التربية الديمقراطية في توسيع الأفق العقلي للفرد، وتطوير قيم المساواة والعدل، وهما من أهم عناصر الديمقراطية. كما تساعد الشخص على تقييم مزايا وعيوب المرشحين المتنافسين في الانتخابات واختيار الأفضل، وتساهم في وقف ومنع استغلال البشر.
في الختام، فإن التربية الديمقراطية هي أساس لبناء مجتمع ديمقراطي قوي ومتماسك، حيث يتم تعزيز القيم الديمقراطية منذ سن مبكرة، مما يؤدي إلى مجتمع أكثر عدلاً ومساواة وحرية.