في تاريخ رياضة كرة القدم العالمية، هناك بعض الأسماء التي ظلت بارزة ليس فقط بسبب مهاراتها الفنية ولكن أيضًا لاستمراريتها بإظهار هذه المهارة في واحدة من أهم المنافسات الدولية - كأس العالم. يُعتبر "كأس العالم"، الذي ينظم كل أربع سنوات منذ أول نسخة له في الأوروغواي عام 1930، أحد أكثر الأحداث الرياضية شعبية ومتابعة حول العالم. هذا الحدث الكبير قد شهد تواجد مجموعة مختارة من اللاعبين الذين تمكنوا من ترك بصمة واضحة من خلال مشاركات مطولة وفعالة.
ومن بين هؤلاء، يأتي اللاعب الألماني السابق لوثار ماتيوس في المقدمة كمجموعة أكثر اللاعبين مشاركة في كأس العالم. مع تجارب تمتد عبر خمس دورات مختلفة للبطولة (1982, 1986, 1990, 1994, 1998), وصل مجموع مبارياته الدولية تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) إلى 25 مباراة. وهو بالتأكيد واحد ممن حقق رقماً قياسياً غير قابل للتخطي بالنسبة لمعظم الرياضيين الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، وحصل ماتيوس على تقدير كبير خارج أرض الملعب أيضا؛ فقد فاز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا عام 1989 وجائزة الكرة الذهبية عام 1991 وأُطلق عليه لقب أفضل لاعب في العالم في العام نفسه.
بينما ننظر إلى الترتيب التالي للأشخاص ذوي الطول العمر الأكبر في النهائيات، نرى أسماء مثل الألماني ميروسلاف كلوزه والإيطالي باولو مالديني وهما ثاني وثالث الأكثر مشاركة على التوالي برصيد 24 و23 مباراة لكل منهما. ومع ذلك، فإن التفرد الحقيقي يكمن في تلك الدرجة الثالثة الصعبة للغاية والتي تضم عدة أفراد بمجموع مشترك قدره عشرون مباراة لكل منهم بما فيها البرازيلي كافو والألمان Bastian Schwein-steiger وPhillip Lahm والمجري جيروتشيسلاو ريتمان والبولندية Wlodzimierz Lubierski.
وتبرز هنا حالة خاصة أخرى تستحق الذكر: الحارس المكسيكي Antonio Carbajal. وعلى الرغم من عدم الوصول لمستويات زملائه الأعلى رتبة، إلّا انه ظل علامة مميزة لنصف قرن تقريباً منذ بداية مساره الاحترافي حتى اعتزال اللعبة رسميًا. وبمشاركة مدتها خمس نسخ من سباقاتها الأخيرة (1950 حتى 1966)، أصبح الشخص الوحيد الذي ظهر بشكل دائم في مختلف مراحل المسابقة طوال فترة زمنية طويلة نسبيًا بالمقارنة مع أغلبية منافسيه. ولا يمكن تجاهل إنجازه الأخير بأن أصبح أصغر حراس مرمى يلعبون ضمن فعاليات الدور الرئيسي بكأس العالم حين بلغ الخامسة عشرة فقط! وهذا مؤشر واضح يدل على موهبته المبكرة وانتقاءاته الخبيرة أثناء عمله كتجمع رئيسي ومؤسسي لفريق بلاده الوطني وقتذاك.
بالتأكيد، إن توثيق رحلة نجاح هؤلاء الرجال اللامعين يؤكد مدى تأثير الشغف والعطاء المستمر نحو تحقيق هدف محدد سواء كان داخل ميدان اللعب أم خارجه. إنها قصة تحكي لنا كيف أثمرت المثابرة والصمود أمام تحديات الحياة لتحقيق النجاح والشهرة العالمية.