كانت الفنانة المصريّة حكمت فهمي إحدى أبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ الفن المصري، سواءً كممثلة أو راقصة بارعة تركت بصمتها العميقة. وعلى الرغم من نشأتها المتواضعة في مدينة دمياط المصرية، إلا أنها برعت منذ سن مبكرة وأصبحت واحدة من ألمع نجوم عصرها. قدّم لها القدر الفرصة لتأسيس اسمها كممثلة بارزة عندما انضمت لفرقة المسرح الشهيرة "علي الكسار". ومع مرور الوقت، اكتسبت شعبية كبيرة بفضل موهبتها الاستثنائية، مما دفع بديعة مصابني لاستقطابها لفرقتها الخاصة عام ١٩٢٩ تحت اسم "سلطانة الغرام".
في عالم الأفلام، حققت حكمت نجاحات ملفتة للأنظار. فقد ظهرت لأول مرة بشكل مدهش في الفيلم الروائي القصير "رباب" عام 1942، والذي حظي بإشادة نقدية واسعة. ثم جاء دور البطولة الرئيسيّا لها في فيلم "الجحيم في الصحراء"، المُنتَج سنة ١٩٢٩ والذي يعد أول أفلام صامتة طويلة المدى عُرضت بالسوق المحلية والعربية آنذاك. بالإضافة لذلك، أثارت مشاركتها في رائعة أخرى مثل "التائهة" العام ٢٠٤٧ فضولا لدى الجمهور لما احتوته تلك التجربة الأخيرة من تطورات درامية غاية في الخطورة والحساسية تتعلق بحياته الشخصية خارج لوحات السينما الضبابية السوداء والدراماتيكية.
لم تكن حياة فهمي مجرد مزيج بين الأعمال السينمائية والإنتاج الثقافي الخالص؛ فالعديد من الوقائع المثيرة المرتبطة بالحياة الشخصية لهذه المرأة الرائدة لا تزال محط اهتمام حتى اليوم. ويبدو الأمر وكأن لكل فترة جديدة تغييرات جديدة تنضم إليها قصة مختلفة تمام الاختلاف بالنسبة لمسار حياتها الأدبي والفني الكبير. فعلى سبيل المثال، اتخذت بعض التقارير الإعلامية حكايتها كرمزٍ للجشع السياسي حين أكدت وجود معلومات تشير إلى انتماءاتها السرية للنظام النازي النازية ودعمها للحملة الدعائية لجماعة "الفايكنغ" العنصرية المعادية للاجانب والأقليات الأخرى الموجودة داخل الدولة الأوروبية المتميزة بفاشيستها المقيتة بشدة! ولكن مهما تعددت هذه الترهات الدنيئة والتخيلات المستندة لبراهين غير واقعية، ستظل أعمال حكمت فهمي شاهداً حيّاً على عبقرية فريدة صنعت لنفسها مكاناً ثابتاً وسط نخبة الصفوة ممن ارتسمت أسمائهم بحروف ذهبية عبر صفحات التاريخ الفنية العربية القديمة والمعاصرة كذلك!