في ساحة النهضة العلمية الإسلامية التي ازدهرت خلال القرن الحادي عشر الميلادي, برز اسم عالم عربي بارز يُعرف بابن الهيثم. يعتبر هذا العالم شخصية رئيسية ليس فقط في تاريخ العلوم العربية ولكن أيضًا في التاريخ العالمي للبصريات. ولد أبو علي الحسن بن الحسين بن الهيثم في مدينة البصرة العراقية حوالي عام 965 ميلادية.
كان لابن الهيثم اهتمام كبير بمجالات الرياضيات والفلسفة والتاريخ الطبيعي بالإضافة إلى مساهماته الرائعة في مجاله الرئيسي -البصريات-. يمكن تتبع أعماله الرئيسية حتى كتاب "كتاب المناظر"، والذي يعد واحدًا من أهم الأعمال البحثية حول النظر والبصر والإدراك البصري. يقدم الكتاب نظريات مبتكرة وملاحظات دقيقة حول كيفية عمل العين وكيف ينتقل الضوء عبرها.
من بين أفكار ابن الهيثم الثورية هي نظرية الانكسار الضوئي والتي سبقت بكثير فهم عصر النهضة الأوروبي لهذه الظاهرة. كما أنه أثبت خطأ النظرية اليونانية القديمة القائلة بأن الضوء يتحرك مباشرة نحو عين الناظر عند الرؤية، بدلاً من ذلك أكد على دور دور الجسم المرئي نفسه في خلق الإضاءة والألوان.
بالإضافة إلى عمله الأساسي في علم البصريات, كتب ابن الهيثم عددا كبيرا من المؤلفات الأخرى بما فيها تلك المتعلقة بالرياضيات وعلم الفلك والميكانيكا وغيرها الكثير مما يشير لمدى ثراء معرفته وتنوع اهتماماته المعرفية. توفي ابن الهيثم بعد حياة مليئة بالإنجازات في بغداد سنة 1040 م تاركا خلفه إرثا علميا غنيا سيستمر تأثيره لأجيال عديدة قادمة. إن إسهامات ابن الهيثم ليست فقط مهمة لتطور العلوم العربية وإنما لها أيضا تأثير مباشر على تقدم الفكر الإنساني بشكل عام.
