تُعدّ الطاقة ركيزة أساسية لحياة الإنسان ومحركا رئيسياً للنمو الاقتصادي العالمي؛ ولذلك فإن البحث الدائم عن بدائل جديدة ومتجددة لها يكتسي أهمية بالغة لتحقيق الاستدامة البيئية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الضار. وفي هذا السياق، نستعرض هنا بعض الخصائص والمزايا الرئيسية لأنواع مختلفة من مصادر الطاقة المتجددة التي تساهم بشكل كبير في بناء اقتصاد طاقة أكثر استقراراً وفعالية وصديقة للبيئة.
أولاً، تتميز تقنية الطاقة الشمسية بأنها غزيرة الانتشار عالميًا وسهلة الاستخدام، إذ يمكن استخدام ألواح شمسية صغيرة لتوليد الكهرباء للمباني الفردية، بينما تستطيع محطات توليد كهرباء ضخمة تعمل بتكنولوجيا تركيزات أشعة الشمس تقديم حلول واسعة النطاق لمراكز سكانية كاملة. تمتاز هذه التقنية بمصدر غير محدود وطاقتها قابلة للتوسع حسب الطلب، مما يجعلها خياراً جذاباً لكل من المنظمات الصغيرة والشركات العملاقة على حد سواء.
ثانياً، تعتبر طاقة الرياح مورداً هاماً آخر للحصول على كهرباء نظيفة وبأسعار معقولة. فقد تطورت توربينات الرياح بسرعة كبيرة خلال العقود القليلة الماضية وأصبحت قادرة الآن ليس فقط على تأمين احتياجات المناطق النائية ذات البنية التحتية الهشة ولكن أيضا المدن الكبرى الحيوية وذلك بسبب قدرتها الكبيرة على إنتاج كميات وفيرة من الطاقة. علاوة على ذلك، تتطلب عمليات التشغيل والصيانة لهذه الأنظمة دورات زمنية أقل مقارنة بنظيراتها المعتمدة على الفحم أو الغاز الطبيعي، الأمر الذي يسهم أيضاً في خفض تكاليف التشغيل والإدارة العامة للنظام بأكمله.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، يعد الماء قوة طبيعية شديدة التأثير والتي توفر لنا مصدرين أساسيين للطاقة: التدفق الجاري عبر الأنهر والسدود وجاذبية انحدار المياه داخل الخزانات الصناعية الضخمة. ومن خلال ترجمة حركات المد والجزر وانسياب مياه البحار والكواليس البركانية، تصبح كفاءة إعدادات المحطات الكهرومائية عالية نسبياً فيما يتعلق بإنتاج الوحدات لكل دولار يتم إنفاقه عليها. فضلاً عن كون مرافق الطاقة الكهرومائية متينة لمدة طويلة ولا تحتاج عادة لأعمال تجديد شاملة إلا بعد فترة عشر سنوات وسنوات عديدة لاحقة منها. ومع توفر مياه مجانية بكثافة وكافية لاستعمالها ضمن دورة حياة تلك المؤسسات فتكون بذلك أحد أقوى موارد الطاقة المنزلقة أمام عينيك مباشرة!
في المجمل، تشكل كل وسائل الإمداد العامل الرئيسي المؤثر نحو رسم مسار جديد وخلاق للاستغلال الرشيد واستخراج ثمار الثروة الهائلة الكامنة تحت جنبات أرض الله الواسعة بغَض النظر عمّا إذا كانت مرتبطة بالأرض أم بالمياه أم بحركة الهواء حول العالم بلا انقطاعٍ. وإذا تمكن المجتمع الدولي والعلم الحديث سوياً إدراك قيمة تنويع مجموعة مصادر الطاقة لدينا وتحسين فعالية طرق التسليم والتوزيع حالياً ومن ثم توسيع القدرة القصوى لنسب الاحتوائية المطروحة فنحن نخطو للأمام بكل يقين ونفاخر البشرية حينئذ بصنع عصر ذهبي أخضر يعيش فيه الجميع بسعادة رفقة جمال الدنيا وحسن صنع اليد الآدمية المتحابة بين أبنائها.
