إنجازات الخليفة العظيم عبد الملك بن مروان: نهضة عربية شاملة

كان لعهد أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان تأثير عميق ومباشر على تاريخ الدولة الإسلامية خلال القرن الأول الهجري. ورغم أنه تولى الحكم بعد فترة اضطرابات

كان لعهد أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان تأثير عميق ومباشر على تاريخ الدولة الإسلامية خلال القرن الأول الهجري. ورغم أنه تولى الحكم بعد فترة اضطرابات سياسية واجتماعية كبيرة، إلا أنه استطاع بناء دولة قوية واستعادة الوحدة الداخلية عبر سلسلة من الإصلاحات السياسية والعسكرية والثقافية والدينية التي أثرت بشكل كبير على الحياة العامة للمسلمين آنذاك.

في الجانب السياسي، قام الخليفة بتعزيز السلطة المركزية وتوحيد القوانين والإجراءات الحكومية في جميع أنحاء الدولة الأموية الواسعة، مما أدى إلى تعزيز الاستقرار الداخلي وأمن الحدود الخارجية للدولة ضد تهديدات المنافسين مثل البيزنطيين والصينيين وغيرهم من المجموعات المتنافسة. كما عرف عنه اهتمامه الكبير بالعدالة والحفاظ عليها بين رعيته، وهو ما يعكس قدرته الفذة كحاكم رشيد وعادل.

ومن الناحية العسكرية، لعبت إستراتيجياته دور أساسي في توسيع رقعة الفتوحات الإسلامية نحو الشمال الأفريقي والأندلس وما وراء النهر في آسيا الوسطى؛ لذلك يعتبر أحد أكثر الحكام فتوراً مقارنة بسلفيه والخلفاء الذين جاءوا لاحقا. وقد نجح أيضا بموازنة الجيش بين العرب غير العرب لضمان ولاء الجنود للحكومة ومنع ظهور حركات تمرد محتملة داخل البلاد.

وفي المجال الثقافي، برز اهتمام عبد الملك بن مروان بالإبداع الأدبي والفني والفكري بحيث شهد عصره ازدهار الأجناس المختلفة للفنون العربية كالخط والعمارة والنحت والشعر والموسيقى. ويُذكر خصوصا دعمه الهائل لبناء المسجد الأموي الكبير في دمشق الذي أصبح معلما بارزا للهندسة المعمارية الإسلامية. بالإضافة لأمرِه بصناعة المصاحف المصورة ذات الخط الجميل لتوزيعها مجانا بين المسلمين حول العالم الإسلامي آنذاك. وهذا الأمر كان له الأثر البالغ في انتشار القرآن الكريم وتعزيز المعرفة الدينية لدى الناس تعلم القراءة والكتابة بحروف معينة وفهم الآيات جيدا.

على الصعيد الديني، حرص على تطبيق شرع الله وحفظ العقيدة الصحيحة ونشر العلم الشرعي. فقد أمر بإرسال الدعوات إلى علماء الدين من مختلف المناطق ليؤدوا فريضة الحج ويعقد لهم مجلس علم ومعرفة بالأحاديث النبوية ودلائلها. كذلك سعى لإرجاع بيت المقدس للأيدي الإسلامية بعد سقوطه تحت حكم الروم لمدة عام واحد فقط وذلك عبر تسديد فدية تقدر بخمسمائة ألف دينار ذهبية مقابل تحرير المدينة المقدسة مرة ثانية. وفي هذا السياق أيضًا، ثبت الزيادة السنوية للعطاءات المالية للأوقاف الخيرية والمراكز التعليمية والسجون والمعاهد الدينية المنتشرة ضمن حدود المملكة الأموية آنذاك ولم تتوقف تلك المنح حتى وفاته رحمه الله تعالى.

وبشكل عام فإن عصر الخليفة عبدالملك ابن مروان يعد مرحلة هامة جدًا بتاريخ العالم العربي والإسلامي لما تحقق فيها من تقدم حضاري واقتصادي وثقافي وعسكري وبناء مدني واسع النطاق لم تشهد مثله دول أخرى وقت ذاك كما أكدت كتب التاريخ ذلك بلا شك!


عاشق العلم

18896 Blog indlæg

Kommentarer