على الرغم من فترة حكم قصيرة دامت أقل من عام واحد فقط، ترك المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبد الله بصمة واضحة في تاريخ الأردن. إحدى أبرز إنجازاته كانت في مجال التعليم، وهو مجال ظل محور اهتمام أسرة آل هاشم منذ تأسيس المملكة. وقد تجسد هذا الالتزام بشكل خاص في الدستور الجديد الذي صدر أثناء فترة حكمه. وفقاً للدستور المعدل والمقدم في المادة السادسة، أكدت الدولة الأردنية على حق المواطنين في العمل والتعليم بما هو معقول فيما لديها من قدرة. بالإضافة لذلك، أكد الدستور أيضا -كما جاء في المادة 20 منه- على حرية التعليم الأساسي والإلزامية فيه.
لم يكن الاهتمام بالتعليم جديدًا بالنسبة لأهل البيت الهاشمي؛ بل إنه جزء أصيل من عقيدتهم ومعرفتهم بأن نجاح المجتمع يرتكز أساساً على قوة وتعليم الفرد. كل عضو في هذه العائلة المقدسة لديه دوره البارز في تحقيق تقدم القطاع التعليمي في البلاد.
وفي جانب آخر مهم، واصل الملك طلال النهضة العمرانية والبناء القائم بالفعل تحت قيادة أبائه المؤسسين. وعلى الرغم من سنوات شبابه التي قضاها خارج الوطن بسبب ظروف خاصة بالعائلة والدولة آنذاك، فقد تعلم الكثير داخل عمان نفسها ثم فيما بعد برفقة أبيه وأجداده الذين لقبوه بملازمة شرفه وحسن تدريبه حتى صار مستحقاً لمنصب أعلى رتب الجيش الأخضر حينئذٍ. وعندما أجلس على سدة الحكم خلفاً لجَدِه الشريف حسين بن علي, عمل بكل همّة لإكمال مسيرة آبائه نحو مزيدٍ من الحرية والاستقرار والتقدم الاقتصادي والعلمي والثقافي أيضاً.
ومن الجدير ذكره تلك الخطوات التنفيذية المؤثرة التي تبعت جلوسه على العرش مباشرة: أولها كتابة دستور حديث للأردن يعكس روح عصره ويناسب آمال وطموحات الناس جميعًا، وثانيهما تشجيع مشاركة العامة والشعبية السياسية عبر مجلس نيابي نموذجي وداعم لوحدة الصف الداخلي وتحقيق الأمن الاجتماعي المنشود لدى كافة الطبقات الاجتماعية المختلفة مع مراعاة التنوع الثقافي والفكري للحفاظ على الهوية العربية الخاصة بالأمة عامة والأردنية خصوصاً. كما سعى حثيث لتحقيق سلام واستقرار داخلي منظم وآليات قانونية شاملة تلبي حاجات الجمهور وتضمن مصالحه المستقبلية. ولم يغفل كذلك تأثيره الكبير في ترسيخ روابط الصداقة والعلاقات الأخوية المشتركة القائمة بين الدول الثلاث الرئيسية وهي مصر والسعودية وسوريا مما جنى عليه توقيع اتفاقية ضمان عربي مشترك ذات يوم سيادي وعسكري واضح المعالم محدد الحدود والمعايير الدولية الناظمة لها زمانياً ومكانياً فضلاً عن تنظيم الانتخابات البرلمانية المنتظمة حسب جدول زمني ثابت تراعى فيه كرامة المواطن وكامل حقوق الناخبين طبقاً للنظام والقانون المرخص به رسمياً رسمياً! وهكذا خلد اسمه التاريخي باعتباره رمزاً للعطاء والعطاء فقط...