كان الملك الحسن الثاني بن محمد (1929-1999) شخصية بارزة ومؤثرة في تاريخ المغرب الحديث، حيث حكم البلاد لمدة خمسين عاماً تقريباً. تولى العرش بعد وفاة أبيه محمد الخامس سنة ١٩٦١ وكان عمره آنذاك ثلاثون عاما فقط. رغم شبابه وقتها إلا أنه أثبت قدرته الفذة على إدارة شؤون المملكة وتنفيذ العديد من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
نشأة ونضج الحسن الثاني جاءت خلال مرحلة تغير كبير شهدتها المنطقة المغاربية والعربية بشكل خاص؛ فقد كان شاهدا وفاعلا رئيسيا لما يسمى "الربيع العربي"، والذي قاد فيه حركيات سياسية واجتماعية عميقة داخل البلاد وخارجها مما عكس رؤيته الثاقبة للدولة الحديثة والمستقلة سياسياً واقتصادياً وثقافيا. كما عرف عنه حرصه الدائم على تعزيز الوحدة الوطنية وحماية استقلال المملكة ضد التدخل الغربي والإقليمي.
إحدى أهم محطاته كرئيس دولة كانت مواجهة واحتواء النزاعات الداخلية مثل قضية الصحراء الغربية والحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني. بالإضافة إلى ذلك، سعى لإحداث تقدم اقتصادى ملحوظ عبر تنويع الاقتصاد وتشجيع القطاع الخاص وأدار مشاريع كبيرة للبنية التحتية كالسدود ومحطات الكهرباء وغيرها كثير. وفي مجال التعليم والثقافة، عمل على توسيع نطاق المدارس والمعاهد الجامعية وتعزيز الاهتمام بالمحافظة الثقافية والتراث التاريخي للمغرب.
شخصيا، اتسمت شخصية ملك المغرب بشخصيتها القوية والشجاعة والفكر المنفتح مما أكسب احترام زعماء العالم الذين كانوا يقدرونه ويعتمدون عليه في حل الكثير من الخلافات الدولية خاصة تلك المتعلقة بالقضايا العربية والإسلامية. برغم تحديات الحكم الطويلة والصعبة التي مر بها خلال فترة حكمه، ظل ثابتًا غير متردد في الدفاع عن مصالح شعبه والدفع قدماً بالتقدم المستدام للمملكة حتى آخر لحظاته الأخيرة قبل وفاته المفاجئة عام تسعة وتسعين ميلاديه. وبذلك ترك إرثا عظيما ستبقى ذكراه خالدة لدى الشعب المغربي وعامة العرب الأحرار.