كانت الثورة العربية الكبرى حدثًا تاريخيًا حاسمًا في المنطقة العربية شهدت نضالًا شعبيًا ضد الاحتلال العثماني والاستعمار الأجنبي، مما مهد الطريق لتحقيق استقلال العديد من الدول العربية. جذرت هذه الحركة الوطنية عدة عوامل رئيسية دفعت بالأمة العربية للنهوض ضد نظام حكم مستبد واستبدادي.
في بادئ الأمر، كانت الظروف الاقتصادية الصعبة التي عانَتها البلاد نتيجة السياسات الاقتصادية التعسفية للدولة العثمانية عاملاً محوريًا. فرض الضرائب الباهظة والقمع المستمر للمقاومة أديا إلى غضب واسع الانتشار بين الشعب العربي. بالإضافة إلى ذلك، فقد أدى انهيار الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى إلى تفاقم الوضع، مما جعل الشعور بالاستياء والرغبة في تغيير النظام أكثر انتشاراً.
كما لعبت القيم الوطنية والإقليمية دورًا كبيرًا في تحريض الشارع. كان هناك إدراك متزايد لدى العرب بحاجتهم لوحدة وطنية قوية وتعزيز الهوية الثقافية المشتركة لهم. تبلورت رؤية الأمير فيصل بن الحسين -ابن الشريف حسين ملك مكة المكرمة آنذاك- كقائد لهذه النهضة بعدما اجتمع مع مجموعة من الشخصيات المؤثرة مثل الشيخ عبد الله النديم وعزة فهمي لتخطيط وتنسيق الجهود الموحدة لمناهضة الاستعمار الغربي والعسكري للعثمانيين المتراجعين.
وبالإضافة لذلك، تأثر الزعماء والمفكرون العرب بشكل كبير بالتغيرات السياسية والثورية في العالم الأوروبي، خاصةً الثورة الفرنسية وثورات بلاد الشرق الأوسط الأخرى مثل ثورة مصر وتركيا الحديثة. كما استلهم هؤلاء المثقفون الأفكار الليبرالية الجديدة ودعاواها للإصلاح والتغيير الاجتماعي، والتي اتخذت شكل مطالبات بتطبيق الديمقراطية وحكم القانون وإنهاء الفساد الحكومي المنتشر حين ذاك.
وفي النهاية، ساهم ظهور الشخصية المحورية للشريف حسين بن علي والشعار الشهير "الله أكبر"، والذي أصبح رمزاً للوحدة والحريّة للأمتين العربية والإسلامية، بصناعة زخم شعبي هائل دفع باتجاه نجاح انتفاضة عام ١٩١٦ والمعارك الطاحنة التالية لها حتى تحقيق النصر الكبير وانتزاع الحكم الذاتي للعديد من دولنا اليوم.
لقد مثلت تلك الفترة مرحلة فاصلة في التاريخ الحديث للأمة العربية، وقد تركت آثارا عميقة وفوائد جلية لا تزال تؤثر فينا حتى يومنا هذا.
