تعد الظاهرة المعروفة بالعصبية القبلية ظاهرة اجتماعية معقدة لها جذور عميقة في التاريخ والثقافة العربية. تعني هذه العصبية الولاء الحار والشديد للقبيلة التي ينتمي إليها الفرد، والذي غالبًا ما يأتي قبل الولاء الوطني أو الاجتماعي الأكبر. يمكن تتبع هذا النوع من الارتباط إلى الأوقات البدائية عندما كانت القبائل تمثل اللبنة الأولى لتكوين المجتمعات الإنسانية. ومع ذلك، فقد أصبح العديد من العلماء والمراقبين يعتبرون هذه العصبية قضية قد تحدد مستقبل الوحدة والاستقرار في بعض المناطق.
في الثقافات التقليدية، تعتبر القبيلة وحدة أساسية للمجتمع توفر الدعم المتبادل والأمان. يُنظر الأعضاء فيها كأهل لبعضهم البعض، وتُشكل روابط الدم والقرابة أساساً قوياً لهذه الروابط الاجتماعية. لكن، مع تقدم الزمن والتغيرات السياسية والاجتماعية، بدأت هذه الأفكار القديمة تواجه تحديات جديدة. وقد أدّى ذلك إلى ظهور حركات عصبية قبيلة تقود إلى الصراعات والصراعات الداخلية في كثير من الأحيان.
على الرغم من الجهود المبذولة لإحداث تغيير نحو هويات وطنية أكثر شمولاً، إلا أن التأثير المستمر للعصبية القبلية واضح للغاية. يمكن ملاحظة ذلك عبر مجموعة متنوعة من السياقات - سواء كان الأمر يتعلق بتوزيع الموارد الحكومية، أو التحيزات الاجتماعية، حتى الوصول السياسي. إن فهم الطبيعة المعقدة لهذه المشكلة أمر ضروري لمعالجة التحديات التي نواجهها في بناء مجتمعات متماسكة ومتنوعة.
رغم أهميتها التاريخية والدلالات الأخلاقية العميقة المرتبطة بها، فإن الاستمرار في التعامل مع العصبية القبلية كبديل للهويات الوطنية الموحدة يشكل خطراً محدداً على تحقيق السلام والاستقرار طويل الأمد. ولذلك، فإن تحويل تركيز الناس نحو معتقدات مشتركة حول العدالة والإنسانية وحقوق الإنسان سيكون عاملاً رئيسياً في الحد من دور العصبية القبلية وضمان مستقبل أكثر انسجاما وتمثيلا في العالم العربي.