تُعد مدينة أريحا، الواقعة غرب نهر الأردن شمالي البحر الميت، أقدم مستوطنة بشرية معروفة في فلسطين، بحسب الدراسات الأثرية والتاريخية التي تعود جذورها لأكثر من 10,000 سنة مضت. تشتهر المدينة بموقعها الجغرافي الفريد كرابط استراتيجي بين مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين، مما جعل منها مركزاً تجارياً محورياً للقوافل عبر العصور المختلفة. وقد اكتسبت شهرة واسعة نتيجة لموقعها المنخفض جداً (-258 متر تحت سطح البحر)، الأمر الذي أهلها لتكون أخفض بقعة على وجه الأرض.
وتمتاز تضاريسها بأنها جزء من منطقة أغوار الأردن الشهيرة، فيما يعرف محلياً باسم "الغورية"، وهي أرض خصبة تتميز بتنوع بيئاتها ومواردها الطبيعية الغنية بالمياه والعناصر الغذائية اللازمة لنشاط زراعي مزدهر. هذا بالإضافة إلى تنوع مصادر رزق سكانها الذين يعملون أساساً في الزراعة والحرف التقليدية وصناعات متنوعة أخرى تتناسب مع ظروف البيئة المحلية.
التراث الثقافي لهذه المدينة يجسد عمق التاريخ الإنساني منذ نشوئه المبكر؛ فقد شهدت خلال حقبتها الطويلة العديد من الحضارات المتعاقبة مثل عصر المجتمعات البداوية الأولى والزمن الحجري وعصر الهكسوس والفينيقيين وغيرها الكثير ممن ترك كل منهم بصمة واضحة في بناء مجمعاتها العمرانية وسرد قصص حضارتها المعبرة. ولا يمكن تجاهل دور المنطقة السياسية والدينية المهم طوال مسيرتها عبر الفترات الرومانية والإسلامية والإقطاع الأوروبي وانتهاء بالنظام الوحدوي لفلسطين اليوم.
ومنذ بداية القرن العشرين، تعرضت أريحا للاستعمار البريطاني وإدارة مشتركة شرق أوسطية قبل أن تستعيد استقلاليتها مؤقتًا ضمن حكومة الأردن ذات الصلة الوثيقة بفلسطين نفسها سابقًا وبعد فترة وجيزة تصبح تحت سيادة إسرائيل بشكل غير مباشر عقب اتفاقيات السلام المؤقتة التي وقعتها الحكومة الفلسطينية الجديدة حديثًا أثناء مفاوضات التسعينيات وما نتج عنها لاحقا بشأن اتخاذ قرار نهائي حول إدارة هذه المناطق حسب الاتفاقيات الدولية الملزمة للجهات المعنية كافة. ويستمر حاليًا العمل نحو تحقيق حلم الشعب الفلسطيني بإقامة دولتهم المستقلة بكامل جوانب الحياة البرلمانية والاقتصادية والثقافية بشموخ وبكل الاعتبار للأجيال القادمة باعتباره أهم تراث لهم وللعالم اجمع بما يحفظ هويتهم وأصولهم الراسخة منذ الآف الأعوام .
