في رحاب الإسلام الزاهرة، لا بد من الوقوف عند أعلام الصحابة الكرام، رضي الله عنهم جميعاً، ممن اختارهم الله لصحبة نبيه الكريم واتبعوه مهتدين بهداه. وفي مقدمة هؤلاء الأفذاذ، الخلفاء الراشدون، الذين ورثوا المشعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمروا في حمل رسالة الحق والدعوة إلى توحيد الله عز وجل. إن فهم سيرتهم العطرة ودراسة حياتهم الغنيّة بالأمثلة الحسنة يعتبر نهراً يجري بين جوانب الحياة المسلمة. ها نحن نتناول هنا مجموعةً مختارة من الكتب التي كرست جهود مؤلفيها لنقل تجارب وسير أول خلفاء المسلمين أصحاب الفضل الكبير في بناء دولة الإسلام الأولى.
أول تلك الأعمال الأدبية يُعد كتاب "مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة" للإمام أبي هريرة عبد الرحمن بن عبد السلام بن عثمان الصفوري. يعرض هذا العمل الفريد ثراءً علمياً نادراً عبر عرض دقيق وميسّر لصفحات مشرقة من تاريخ خلافة الخلفاء الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي؛ متحدياً بذلك العوائق المفاهيمية التقليدية التي قد تحجب النظر الواضح لتلك الشخصيات البارزة.
ويتنوع الجهد المعرفي كذلك مع صدور كتاب "شبهات الرافضة حول الصحابة..." للشيخ علي بن نايف الشحود، والذي يعد إضافة قيمة لمكتبات الدراسات الإسلامية المتعمقة. يناقش هذا المرجع سلطات مختلفة تنسب لشخصيات متعددة ضمن السياق العام لسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحياة تابعيه المقربين إليه. وبذلك فهو ليس فقط مرجعاً موثوقاً لما يتعلق بسيرة الخلفاء الراشدين تحديداً ولكن أيضًا مصدر بحث مناسب لدراسة مختلف المواضيع ذات الصلة بتفسير النصوص القرآنية والسنتية وفق منظور سلفي أصيل.
وفيما يشابه النهج نفسه نجد انطلاقاً جديداً لفكرة التأليف فيما يتعلق بمختلف مراحل انتقال السلطة السياسية خلال مرحلة مهمة للغاية من الفترات المفصلية للتاريخ الإسلامي المبكر وذلك عبر كتاب "تاريخ الخلفاء" للدكتور جلال الدين السيوطي. ويتضمن وصف تفصيلي لكل واحدٍ منهم مرتباً بحسب تسلسل تولي الحكم بخلاف الوصف التفاصيل للحوادث والحروب والمعارك أثناء فترة حكم كل شخصية. وهذا النوع الخاص بالتدوين يستعين بوسائط روائية متنوعة بما فيها الأحاديث النبوية ورواتها بالإضافة لضم أقوال أهل العلم وكبار الفقهاء مما يجعله مصدراً مثمراً لأي باحث يسعى لاستكمال معرفته بتاريخ العالم الإسلامي القديم.
ويركز الدكتور علي محمد الصلابي اهتمامه الخاصة نحو ترجمة قصائد شعرية متفردة لحياة ثلاثة أشخاص بارزين من بيت الهاشميين وهم عمّ الرسول عمرو بن هشام وزوج بنت الرسول عقبة بن أبي معيط وابن أخ الرسول حنظلة بن أبي عامر الثقفى وذلك داخل صفحات كتابه المعروف باسم "أسنى المطالب". ومعظم التركيز هنا يتم توجيهه خصيصاً تجاه الشخصية المركزي لعلي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه والتي تظهر بشفافيتها الخام بين جنبات صفحات الكتاب بدون حذف للأوجه الذاتية لهذا الرجل الطموح والشجاع رغم أنه ابن عم النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وهو أيضا زوج ابنتيه فاطمة وخولة رضي الله عنهما جميعا.
ثم يدخل قلم السيد الصلابي مجاله مرة أخرى مستعرضاً شخصية فريدة هي لأحد أشهر رجالات الدين والعسكرية خلال عصر الصحابة وهي شخصية أسامة بن زيد المديني الأصل وذلك بداخل كتابه تحت عنوان مباشر "السيرة الحافلة للسيد أسامة بن زيد". وعلى غرار سابقه فإن تركيز هيكل سرد القصص يغذي القضايا التربوية والاخلاقية بينما تشكل التنسيقات الزمنية لبداية نهايته أحداث التدافع السياسي والتغيرات الاجتماعية بصورة عامة والتي أثرت بلا شك وجود نوع سياسي ذي وزن خاص ظهر لاحقا ضمن منظومة المصالح الدولتان الشرعية والمذهبية بكليهما .
ولا يفوت جانب آخر رئيسي حال حديثنا عن شخصيات بارزات فقد طرح لنا كاتب مجهول اسمه محمود شاكر لسورية رؤيته بشأن نموذجان كبيران من الحكام السابقين لهؤلاء الرجال الثلاثة المختلفين اختلاف جذري بالمبادئ والقيم العملية بالنسبة لمن كانوا متبوعين لهم وهما على وجه التحديد الرأي العام المتضجر جدا ضد نظام حكم بني امية وما اتخذ الأسلوب الأمثل الأقرب لتحقيق العدالة والمساواة لدى كل فرد بموضع المملكة العربية السعودية الحديثة اليوم... وإلى العديد أكثر مما سبق!!