تعدّ أولى المدارس علامة بارزة في تاريخ البشرية، فهي المكان الذي بدأ فيه الأطفال يكتشفون العالم ويتعلمون مهارات جديدة ويسعون نحو المعرفة. تعود جذور تعليم الأطفال الرسمي إلى الحضارات القديمة مثل مصر القديمة وبابل وإيوان، ولكن يمكن اعتبار المدرسة اليونانية القديمة "كاناكيريوم" في أثينا كواحدة من أولى المدارس الحديثة كما نعرف اليوم.
في القرن الخامس قبل الميلاد، أسست مدينة أثينا نظاماً تعليمياً متكاملاً شمل مراحل مختلفة بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى سن البلوغ. كانت هذه المرحلة الأولى للنظام الذي أصبح فيما بعد أساساً للتعليم النظامي الحديث في أوروبا الغربية. كان هدف التعليم حينها هو تنمية شباب ذوي عقل وسلوك مثاليين بناءً على القيم الأخلاقية والتاريخ الثقافي للمدينة.
على الرغم من عدم وجود مباني مخصصة للتعليم بنفس الشكل الحالي، فقد اجتمع طلاب "كاناكيريوم" حول معلمين محترمين تعلم منهم مختلف المواضيع بما فيها الفلسفة والأدب والموسيقى وفن الخطابة. وكان هذا التواصل بين المعلم والمتعلم يحدث داخل البيوت الخاصة بالمعلمين وفي الأماكن العامة أيضاً.
بالإضافة إلى ذلك، لعب المسجد الجامع دوراً رائداً في انتشار التعليم الإسلامي أثناء العصور الوسطى. حيث شهد المسجد الجامع المنارة لتقدم العلم والمعرفة خلال فترة ازدهار الخلافة الإسلامية. جمع علماء الدين والفلاسفة وأساتذة اللغة هناك لتبادل الأفكار ونشر العلم بشكل منظّم ومفتوح أمام الجميع دون تمييز اجتماعي. شكل الجمع المنتظم لهذه الجلسات الدراسية نواة ما يعرف الآن بالمؤسسات الأكاديمية المتقدمة.
وبالتالي، فإن قصة أول مدرسة تتجسد ليس فقط كمكان صرف وإنما كنظام شامل للتوجيه التربوي يعكس قيم المجتمع وتطلعاته المستقبلية لكل جيل جديد. ومن هنا نرى كيف تطورت فكرة إنشاء بيئة خصبة لنمو القدرات الإنسانية منذ القدم وحتى أيامنا الحالية.